مع القرآن - فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ
قد تكون من أعداء الشريعة وأنت لا تدري ولا تظن إطلاقاً أنك كذلك
أتحب أعـداء الحبيب وتدعـي *** حباً له، ما ذاك فى الإمكـان
وكذا تعـادي جاهـداً أحبـابه *** أين المحـبة يا أخا الشيطان
فانتبه يا هذا والتفت لبصائر الله التي أنزلها كشمس النهار وأنت تعاديها بلا وعي ولا قلب لبيب لمجرد اتباعك لكل ناعق، وفي النهاية بصيرتك لنفسك وعدواتك للشريعة وبالها على نفسك أيضاً، ثم اعلم أن هؤلاء الذين تحاربهم وتبغضهم من مطبقي الشرع والمطالبين بتطبيقه ليسوا عليك حفظاء ولا رقباء ولن يحاسبوك فالحساب عند الله شديد فإياك أن يغرك الشيطان.
تأمل:
{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}
جاء في تفسير السعدي: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ} أي: آيات تبين الحق، وتجعله للقلب بمنزلة الشمس للأبصار، لما اشتملت عليه من فصاحة اللفظ، وبيانه، ووضوحه، ومطابقته للمعاني الجليلة، والحقائق الجميلة، لأنها صادرة من الرب، الذي ربى خلقه، بصنوف نعمه الظاهرة والباطنة، التي من أفضلها وأجلها، تبيين الآيات، وتوضيح المشكلات.
{فَمَنْ أَبْصَرَ} بتلك الآيات، مواقع العبرة، وعمل بمقتضاها {فَلِنَفْسِهِ} فإن الله هو الغني الحميد.
{وَمَنْ عَمِيَ} بأن بُصِّر فلم يتبصر، وزُجِر فلم ينزجر، وبين له الحق، فما انقاد له ولا تواضع، فإنما عماه مضرته عليه.
{وَمَا أَنَا} أي: الرسول {عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} أحفظ أعمالكم وأرقبها على الدوام إنما عليَّ البلاغ المبين وقد أديته، وبلغت ما أنزل الله إليَّ، فهذه وظيفتي، وما عدا ذلك فلست موظفًا فيه.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: