الأمم المتحدة وزكاة المسلمين!
خبر مُؤْرِقٌ لكل غيور على أوطان المسلمين وما بقي من سيادتهم وهويتهم! وتساؤلات كثيرة تَرِد عند كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها..
ورد في تقرير لجنة أممية بتاريخ: 17/1/2016م: "بأن هناك 125 مليون شخص في أنحاء العالم في حاجة للمساعدات الإنسانية، وأن المجتمع الدولي في حاجة لإعادة تشكيل تمويل المساعدات الإنسانية، وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد عيَّن اللجنة المؤلَّفة من تسعة أعضاء للبحث عن حلول ممنهجة مطلوبة لإنهاء فجوة تمويل المساعدات المتزايدة في الاتساع، والتي تبلغ حالياً 15 مليار دولار، وأشارت اللجنة إلى أنه نظراً لأن أغلبية الصراعات موجودة بالدول المسلمة، فإن التمويل الاجتماعي الإسلامي، بما في ذلك الزكاة، يمكن أن يقوم بدور مهم. وقالت جورجيفا: إن مثل هذا التمويل يمكن أن يُسفِر عن جمع 2 إلى ثلاثة مليارات دولار لمواجهة الفجوة في التمويل» (انظر: موقع الجزيرة نت على الرابط التالي: http://goo.gl/cBe2px).
خبر مُؤْرِقٌ لكل غيور على أوطان المسلمين وما بقي من سيادتهم وهويتهم! وتساؤلات كثيرة تَرِد عند كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها، ومنها:
هل ما ورد في التقرير ذاته من مقترحات معزوَّة لمعالجة الفجوة ما يكشف من جديد عن انتهاك سيادي وسياسي! وهوانٍ واحتقار للعالم الإسلامي سواء في الطلب المباشر للزكاة أو التدوير لها؟! وما في ذلك من انتهاك لحقوق المسلمين وأموالهم الخاصة!!
وهل هذه وصاية جديدة ورِقٌّ جديد لدول العالم العربي والإسلامي وانتداب استعماري حديث للعالم الإسلامي؟؟ وهل بهذا الطرح عن زكاة المسلمين عبر الأمم المتحدة ما يعكس مستوى القصور السياسي والإداري الذي وصلت إليه الحكومات والدول والشعوب المسلمة وأنهم قاصرون إلى الأبد؟!!
وهل هذا المقترح يؤكد أن الأمم المتحدة تعيش أزمة ثقة كبيرة لدى المانحين، كما تعيش الإفلاس في مهامها وواجباتها الإغاثية والإنسانية، والعجز عن تلبية احتياجاتها من خلال المساعدات الدولية؟! وهل فشلها الميداني في تعزيز قيم العدالة الإنسانية والحقوق أصبح واضحاً سيما أمام الشواهد الكثيرة والمثيرة؟!
ثم هل هذا المقترح النشاز يعكس الفشل والإفلاس العالمي في معالجة النزاعات والكوارث والمجاعات، حيث تقف كل مقدرات وإمكانات الأمم المتحدة بوكالاتها عاجزة عن تقديم الغوث للمحتاجين حتى أصبحت تحمِّل الدول المانحة قصورها وأخطاءها!
وهل تقارير التنمية الإنسانية المتتابعة أصبحت تساعد أكثر في كشف حقيقة فشل الأمم المتحدة ومنظماتها، حيث تزداد الفجوات والكوارث والفشل على الصعيد الإنساني؟!
وسؤال أخير ومهم هل غياب المنظمات الإسلامية ومؤسساتها أو تغييبها عن الساحات الدولية هو ما أحدث هذا الفراغ الكبير في ساحات الاحتياجات الإنسانية لا سيما في علاج أزمات العالم العربي والإسلامي الإغاثية؟! وهو ما جرَّأ الأمم المتحدة على هذا المقترح الذي يَرَوْن أنه سيخرجهم من أزمتهم!
التقارير العالمية أصبحت تصف الأمم المتحدة بالشريك للنظام السوري -على سبيل المثال- في تغيير الحقائق لصالح النظام، كما كشفت ذلك إحدى المجلات الأمريكية الشهيرة حينما قالت مجلة الفورن بوليسي في تقريرها الصادر بتاريخ: 27/1/2016م وفيه أشار روي غوتمان: "إن المفاجأة الكبرى هي في قراءة خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية التي نشرت يوم 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حيث غيَّرت الأمم المتحدة بعد التشاور مع حكومة نظام الأسد عشرات المقاطع وحذفت المعلومات الهامة، وذلك بهدف رسم صورة أكثر إيجابية عن نظام الأسد»!!! (انظر: موقع السورية نت على الرابط التالي: https://goo.gl/hedhmw، ورابط المقال على مجلة فورن بوليسي http://goo.gl/jB1pOA )، والتقرير مملوء بالحقائق التي تكشف عن تواطؤ الأمم المتحدة مع النظام الدموي السوري!!
وبهذا التقرير وغيره يتأكد ما ورد بتقريرٍ آخر صادر من منظمة أطباء بلا حدود (MSF) عن الأمم المتحدة في شهر يوليو 2014م بعنوان: (أين الجميع؟) وفيه ما يكشف عن أوجه القصور والفشل لدى الأمم المتحدة؟ وتتأكد كذلك مبررات انسحاب منظمة أطباء بلا حدود من مؤتمر اسطنبول هذه الأيام حسب بيانها بتقرير (بن باركر) وهذا مما يؤكد حقائق واقع الأمم المتحدة ويكشف عن نهاية وشيكة لها؟ كما قد يفضح مصداقيتها ومستقبل ثقة الحكومات وشعوب العالم فيها!!!
وعلى صعيد آخر تكتمل به صورة المشهد، هل بقيت قيمةٌ معنوية أو اعتبارية لما يُسمَّى بالشرعية الدولية بعد فشل المنظومة الدولية للأمم المتحدة من حقوق الإنسان إلى مجلس الأمن في تحقيق الأمن والسلام العالميين؟! فالحالة السورية والعراقية -كما يقول المراقبون- كشفتا ضعف وعوار هذه الشرعية بمنظومتها الدولية على مرأى ومسمع من العالم!!! بل قد تكون أسقطت بِصَمْتِها أو ببعض قراراتها وأعمالها حقيقة العدالة والسلام المزعومين؟ وهل هذا الفشل انسحب على جميع الوكالات المتعددة والهيئات المتنوعة المعنية بوقف الحروب والصراعات في العالم والعالم العربي والإسلامي بشكل خاص؟
وأخيراً؛ ماذا يعني هذا اللجوء لدى حكومات الدول ومنظمة الأمم المتحدة إلى اللقاء في مؤتمر القمة العالمية للعمل الإنساني الأول في اسطنبول في هذه الأيام 23- 24 مايو 2016م؟ فهل هو لترميم ما يمكن ترميمه من أزمة الثقة بين المانح والوسيط من هيئات الأمم؟
التقارير العالمية المعنية المتنوعة والمتعددة تطرح مؤشرات أُفول عالم الإنسانية المزيف!!! وضعف الثقة بالأمم المتحدة، فمن حيث الجانب الإنساني فمعظم دول العالم تعلن التزاماتها في العطاء والإغاثة!، ولكن الوفاء شيء آخر، فهي وإن وفَّت في تقديم التزاماتها فإن تقديمه يكون من خلال شركاتها التجارية ومؤسساتها التطوعية والإغاثية وأغلبها من بضائعها التي في أحيان كثيرة تكون فاسدة، أو متدنية تصل في أحيان كثيرة إلى 1% من الالتزام! حسب قول جيمي كارتر الرئيس الأمريكي الأسبق في كتابه الشهير (قيمنا المعرضة للخطر)!
وماذا عن الحلول؟ هل فكَّرت الأمم المتحدة بلجانها ووكالاتها ومنظماتها بمصداقية عن حلول جذرية للأزمات والكوارث بما هو أجدى للإغاثات من تحصيل زكاة المسلمين؟! وذلك من خلال دراسة موضوع التقنين على مشتريات البترول العربي والإسلامي أو مبيعاته بفرض ضرائب على الشركات الشرقية والغربية لتُصرَف هذه الضرائب في النطاق الجغرافي المستحق من بلاد المسلمين وبمنظمات المسلمين أنفسهم؟!
ولماذا لا يكون الحل -إن كانت هناك مصداقية- أن تلجأ الأمم المتحدة لنصرة حقوق الإنسان من خلال ممارسة دورها وصلاحياتها بالعمل الصادق على عودة هذه المنظمات والمؤسسات (الإسلامية) إلى الساحات التي افتقدتها! وأوجد غيابها هذه الفجوة الكبيرة التي لم تستطع المنظمات الدولية الأخرى سدَّها؟!
والمهم عن معظم ما سبق، أن النظام العالمي وإنسانيته قديمة وجديده وشرعيته الدولية يبدو أنه في احتضار مشهود، وهذا يتطلب من عقلاء العالم البحث عن بديل أخلاقي يحقق السلام والعدالة! فهل المسلمون قادرون على تقديم النظام الإسلامي بعدالته التاريخية المعلومة بالرغم من نزيف جراحاتهم التي ربما تكون دماؤهم مداداً لمشروعهم الحضاري البديل؟؟؟ وما ذلك على الله بعزيز.
كتبه/ محمد بن عبدالله السلومي