همسات للاستمتاع برمضان - وماذا بعد ليلة القدر؟

منذ 2016-06-01

لا يوجد نص صريح على كون ليلة 27 هي ليلة القدر وإنما المعروف أنها إحدى الليالي الفردية بالعشر الأواخر من رمضان وبعض العلماء قالوا أنها تختلف من عام لآخر.

جرت العادة بين الناس أن يهتموا بليلة 27 وبمجرد انتهائها وكأن رمضان انتهى بالنسبة لهم؛ رغم أنه لا يوجد نص صريح على كون ليلة 27 هي ليلة القدر وإنما المعروف أنها إحدى الليالي الفردية بالعشر الأواخر من رمضان وبعض العلماء قالوا أنها تختلف من عام لآخر.

فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يُخبر بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: «إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ» (رواه البخاري)

وقال أهل العلم أن الحكمة من إخفائها هي تنشيط المسلم لبذل الجهد في العبادة والدعاء والذكر في العشر الأخير كلها، وهي الحكمة ذاتها في عدم تحديد ساعة الإجابة يوم الجمعة.

لذلك كان من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم من السلف الصالح، أن يهتموا بإتقان أعمالهم للنهاية تقربا لله عز وجل ومنها اتمام العبادة إلى آخر يوم من شهر رمضان.

فقد روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إنَّ الله يُحِبُّ إذا عمِل أحدُكم عملاً أنْ يُتقِنه» (رواه البيهقي)

وكان من هديهم أيضا بعد انتهائهم من الطاعات أن يختموها بالذكر والاستغفار والتوبة تعويضا عن أي تقصير قد صدر منهم.

فقد ثبت في صحيح مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا.

كما شرع للمتوضأ أن يختم وضوءه بالتوبة، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِى مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» (رواه الترمذي).

وكذلك أمر الله الناس في الحج بالاستغفار بعد الافاضة حيث قال: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:199]

وقد علق الشيخ السعدي عن الاستغفار في تفسيره قائلا: "فالاستغفار للخلل الواقع من العبد في أداء عبادته وتقصيره فيها، وذِكْرُ اللهِ شُكْرُ اللهِ على إنعامه عليه بالتوفيق لهذه العبادة العظيمة والمنَّة الجسيمة، وهكذا ينبغي للعبد كلَّما فرغ من عبادة أن يستغفرَ الله عن التقصير، ويشكره على التوفيق، لا كمَن يرى أنَّه قد أكملَ العبادةَ ومنَّ بها على ربِّه، وجعلت له محلاًّ ومنزلةً رفيعة، فهذا حقيق بالمقت ورد العمل كما أنَّ الأول حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال أُخر".

وعلق ابن رجب رحمه الله عن هدي السلف قائلا: "وكانوا مع اجتهادهم في الصحة في الأعمال الصالحة يجددون التوبة والإستغفار عند الموت ويختمون أعمالهم بالإستغفار وكلمة التوحيد" لطائف المعارف.

ثم بعد ذلك يأتي التكبير في ليلة العيد لقول الله تعالى في آيات الصيام: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]

لذلك وجب عليكِ الاهتمام بإتمام العبادة حتى آخر يوم من رمضان، حتى إذا هل هلال العيد، قضيتِ تلك الليلة في التوبة والاستغفار والتكبير سائلة المولى أن يجبر قصورك وتقصيرك الذي صدر منك ِعلى مدار الشهر.

أسأله سبحانه أن يجعلنا من التوابين الأوابين المستغفرين وأن يتقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال.

وإلى اللقاء مع الهمسة القادمة والأخيرة بعون الله.

سوزان بنت مصطفى بخيت

كاتبة مصرية

  • 2
  • 0
  • 5,600
المقال السابق
العشر الأواخر من رمضان
المقال التالي
وماذا بعد رمضان؟

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً