تذوق المعاني - [2] أذكار الصلاة - التكبير

منذ 2016-06-09

وصفة الكبر لله غير قابلة للمقارنة بغيره، وكلما زاد وعينا بكبر الله تضاءلت أمامه موجودات العالم بأسرها، وتضاءلت أمامه أنفسنا، ولذا شرع للمسلم أن يدخل على الله كما يدخل على الملوك بالتعظيم والتكبير ولله المثل الأعلى، فإذا استشعر المسلم بأن الله أكبر من كل ما يخطر بالبال استحى أن يشغل قلبه بغير الله فيكون الله سبحانه قبلة قلبه وشاغله الأوحد.

عن عائشة رضى الله عنها قالت: "كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير" (صحيح مسلم [498])، وعن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مِفتاح الصلاة الطُّهور، وتَحريمها التكبير، وتحليلُها التسليم» (مسند أحمد [1006]).

قال بَدر الدين العَيني رحمه الله: "قوله: «وتَحريمها التكبير»؛ أي: تحريم الصلاة الإتيانُ بالتكبير، كأن المصلي بالتكبير والدخول فيها صار ممنوعًا من الكلام، والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالِها، فقيل للتكبير: تحريمٌ؛ لمنعِه المصلي من ذلك؛ ولهذا سُمِّيَت تكبيرة الإحرام؛ أي الإحرام بالصلاة، وبهذا استدلَّ علماؤنا على فرضيَّة تكبيرة الإحرام".

فهي بذلك إحدى الركائز الرئيسية التي شرعها الله، والتي لا تقوم الصلاة إلا بها  وتُعرف هي بفاتحة الصلاة، والركيزة الأساسية التي لا تقوم إلا بها، وهي الركن الثاني للصلاة بعد النية، ويكون لفظها بأن يقول المصلي "الله أكبر" ولا يجوز أن يقول غيرها.

ومن الأخطاء التي قد يقع فيها البعض عند قول تكبيرة الإحرام، خطأ يغير المعنى، كالذي يمد الهمزة فتصبح استفهاماً، أو الذي يمد الباء فتصبح بمعنى "طبل" ولا تصح تكبيرة الإحرام في هذا المعنى، وهو غير جائز شرعاً، لأنه يحيل المعنى ويجعله استهزاءً.

ومن الأعمال المستحبة عند الدخول في تكبيرة الإحرام، أن يرفع العبد يديه، بحيث تكونا بمحاذاة منكبيه، ثم يقول "الله أكبر" وهذا الرفع هو سنة مؤكدة.

ومن الصعب جداً أن يجهل الإنسان فضل تكبيرة الإحرام، وأن لا تكون مألوفة لديه، بحيث يرى المصلين من حوله يعلنون ذلك وهو لا يدُرك ما يقولون، فالله أكبر، فإن الله سبحانه وتعالى هو خالق هذا العالم، وهو ما يلزم أن يكون أكبر وأعظم من كل هذا العالم، وصفة الكبر لله غير قابلة للمقارنة بغيره، وكلما زاد وعينا بكبر الله تضاءلت أمامه موجودات العالم بأسرها، وتضاءلت أمامه أنفسنا، ولذا شرع للمسلم أن يدخل على الله كما يدخل على الملوك بالتعظيم والتكبير ولله المثل الأعلى، فإذا استشعر المسلم بأن الله أكبر من كل ما يخطر بالبال استحى أن يشغل قلبه بغير الله فيكون الله سبحانه قبلة قلبه وشاغله الأوحد.

الله أكبر من كل كبير، الله أكبر من حاكم يحاول الحول بينك وبين اتباع شريعة الله، الله أكبر من رئيس يقودك إلى معصية الله، الله أكبر من كل ذى سلطان يتسلط بظلمه عليك، الله أكبر من كل همّ يحاصرك به الشيطان، الله أكبر من كل مقنّط لك من رحمة الله، الله أكبر من رفقة فاسدة حاسدة تحاول أن تثنيك عن التوبة، الله أكبر من كل أزمة ومن كل ضائقة ومن كل مشكلة، فبقولها أنت قد دخلت فى حمى القوى القدير.

الله أكبر من حزب اختلفت معه فرفض انتماءك إليه، الله أكبر من أناس لم يحسنوا تقديرك، الله أكبر من كل من تطاول عليك بجاهه، الله أكبر من كل من عيّرك بضعف قوتك وقلة حيلتك، إنه فى نفسك أكبر من أن يكسرك حزن أو مرض.

دخلت على الملِك الأحد الفرد الصمد؛ فألقِ كل همومك على أعتابه، وارتمِ فى أحضان رحمته، واسكن واطمئن فى حماه، واغترف من متعة مناجاته غرفًا.

Editorial notes: ساعد في التنسيق: رانيا قنديل.

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.

  • 6
  • 0
  • 6,569
المقال السابق
[1] الأذان
المقال التالي
[3] أذكار الصلاة - دعاء الاستفتاح

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً