إلى قافلة الحرية وربابنتها
ملفات متنوعة
طبتم وطاب جهادكم، وطابت في الحق سباحتكم، تلك السباحة التي عاندتم
بها التيار، وتبوأتم بها- إن شاء الله- في شرف الكرامة منزلاً، وجزاكم
الله عن شرف الإنسانية وعزتها وشرف غزة وتجلِّدها خير الجزاء، لقد
كسرتم عنَّا وعن الإنسانية بِهِمَّتكم عارَ الحصار ..
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
طبتم وطاب جهادكم، وطابت في الحق سباحتكم، تلك السباحة التي عاندتم
بها التيار، وتبوأتم بها- إن شاء الله- في شرف الكرامة منزلاً، وجزاكم
الله عن شرف الإنسانية وعزتها وشرف غزة وتجلِّدها خير الجزاء، لقد
كسرتم عنَّا وعن الإنسانية بِهِمَّتكم عارَ الحصار وذل الصغار، صغار
الذين يئسوا من أنفسهم، ويئسوا من رحمة الله فاستجابوا لأعدائنا فينا
وهم من ذوي الصدارة وأولي الأمر فيما يبدو للناظرين ،فكانوا بحق على
ما قال الله- رب العالمين-: {
بَدَّلُوا نِعْمَتَ
اللَّـهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ
} [إبراهيم:28].
هل هناك بوار أبور من هذا البوار الذي نتلظى بنيرانه صباح مساء في كل
فج من فجاج الحياة ودروبها؟!، حتى صار الإنسان العزيز منا أهون الناس
بهم على الحياة؛ على أننا قبل هؤلاء وبغيرهم كنا من أكرم الناس
وأرفعهم منزلاً، فَخِر بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قبل أن
نبتلى بهم وقال فينا صلى الله عليه وسلم: «
تفتح عليكم مصر بلد يذكر
فيها القيراط فاتخذوا منها جنداً كثيفاً فإنهم خير أجناد الأرض
» فإذا بخير الأجناد يُحاصَرون
ويُخدعون وعلى أعينهم يُمَدُّ لعدوهم من خيرات أوطانهم من ظاهر الأرض
وباطنها فلا يستطيعون مع الظالمين حيلة ولا يهتدون سبيلاً، فكان
الجزاء لهم أن صار فيهم الخراب والتخريب سياسة ممنهجة، والتجويع
طريقاً للإذلال معتمداً، ووأد النسل غاية واضحة وضوح الشمس في كبد
السماء، لا لبس فيها ولا اعوجاج ،وأضحى التعليم تجهيلاً، والاقتصاد
نهباً، والحكم مغنماً، والبناء صار فينا للخراب، حتى القضاء صار في
كثير من دروبه مَعلماً من معالم الحيف والمهارة في صناعة الأحكام لظلم
الأبرياء، كوفيء المفسدون في أرضنا وطورد بل وعوقب وحورب المخلصون
الناصحون.
الدمار أمام الناظرين يزحف، وأنياب الخراب تزداد على الأيام حِدَّة
وشراسة،ومعالم الأحقاد في الوجوه وعلى الشفاه بادية: {
قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ
وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ
} [آل عمران:118].
ومع معالم هذا الخراب والتخريب الممنهج الواضح تبلدت المشاعر، وجفت
العروق، وخارت الهمم، وضاع من الناس الأمل؛ حتى جاءت تلك القافلة-
بتوفيق من الله وتأييد- على قَدَر، فردَّت إلى الإنسانية ثقتها في
نفسها، وأحيت الآمال في قلوب المستضعفين، وضمائر المجاهدين المرابطين،
ثم أرعبت- بتدبير الله- أفئدة المجرمين، وخلعت قلوب الذين غدروا
بالأمانة، وسارعوا في مرضاة أعداء الأمة فخانوا العهد وأضاعوا الحق،
فجاءت تلك القافلة بعزيمة المخلصين وثبات المجاهدين وأعلنت بثباتها
بطلان سحر الساحرين، وبها أحيط والحمد لله بالمتكبرين وأزلامهم: {
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ
كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي
شَكٍّ مُرِيبٍ} [سبأ:54].
لقد كُسِرَ الحصار فعلاً بتلك العزيمة الوثابة التي هجم بها أصحاب
القافلة على غمرات ووساوس المجرمين وأشياعهم فإذا الإجرام ترتعد
فرائصه، وتؤذن معالمه بالزوال المحقق وإن طال بالمجرمين الزمان، فهذا
من كيد الله بأعدائنا، وتلك هي سنة الله في خلقه وإرادته التي تأبى أن
ينعم مجرم بإجرامه فيمهل له ويملي حتى تنضج في العالمين جريمته، فتملأ
الأجواء، وتعظم في الأولين والآخرين فضيحته {
فَتَرَى الَّذِينَ فِي
قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ
تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ
أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي
أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}
[المائدة:52].
لقد نجحت- والحمد لله- القافلة وهي أول الغيث- إن شاء الله- ثم ينهمر
المطر عن قريب {وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ
يَكُونَ قَرِيباً} [الاسراء:51]
نجحت القافلة ونجحتم معها في ميزان الحق حتى وإن عجزتم اليوم عن إيصال
ما حملتم من المؤن والعتاد إلى المحاصرين.
نجحت القافلة في كشف حقيقة وسوءات الصهاينة للعالمين، وبها امتاز الحق
من الباطل وتبين من بكى ممن تباكى من المتنازعين والمتخاصمين على شرف
القضية من أبنائها. ولقد نجحت القافلة في تحقيق أعظم أهدافها حيث فرضت
على دولة القردة والخنازير أن تكون من اليوم في حرب مع العالم كله،
وذلك بفضل ثبات المجاهدين، وغيرة المخلصين، وما هي بمستطيعة ولا قادرة
أن تثبت لذلك طويلاً ولا قصيراً ،فإن الله الذي ضرب عليهم الذلة
والمسكنة أردفهم بالصفقة الخاسرة في كل أمر من أمورهم وكل شان من
شؤونهم {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ
وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ
بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ
} [البقرة:61] وقد ظهر للعالم كله
بتلك القافلة أن اليهود هم أعدى أعداء الصلاح والإصلاح ، وهم خصوم
القواعد والأعراف المستقيمة، وأنهم دائماً على ما قال الله من قبل
فيهم: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا
} [المائدة:33].
لقد بدأت معالم الانكسار والانحسار للقرن اليهودي تتضح للعالمين بهذا
الثبات من أصحاب القافلة، ذلك الثبات الذي جاوب ثبات أصحاب القضية من
المجاهدين المقاومين الصابرين الصادقين، وعن قريب- إن شاء الله- يشفي
الله صدورنا وصدور الثابتين المرابطين بتمام زوال دولة ودول الظالمين،
وهذه هي المقدمات التي أبطل الله بها مفعول الجدار العازل وفضح بها
سريرة وخبيئة المتآمرين.
ولقد أخذت بهذا الهجوم السلمي الذي لا نظير له في العالمي معالم دولة
اليهود وأشياعهم وصبيانهم وحلفائهم طريقها إلى الأفول، فمن هنا- إن
شاء الله- نغزوهم ولا يغزوننا.
اليوم خربت خيبر أمريكا، خيبر القرن الحادي عشر على وفق ما خربت عليه
خيبر الحجاز من قبل، إذ كان أول معالم خراب خيبر الحجاز هو الحصار
الفاضح لهم على يد إمام الرسل وزعيم الأمة وسيد المجاهدين محمد- صلى
الله عليه وسلم- على ما ذكر القرآن الكريم: {
هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ
لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا
أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ
اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ
الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي
الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ
} [الحشر:2]. "وما غُزي قوم في
دارهم إلا ذلوا" على ما ذكر الصديق خليفة رسول الله- صلى الله عليه
وسلم.
لقد أوقد المجرمون من اليهود النار في جنباتها، فإذا بقافلة الأحرار
وهي قدر من أقدار الله يسلطها الله- جل جلاله- على نيران المجرمين
التي كادت أن تأتي على الأخضر واليابس من حولها، ويجعل منها معلما من
معالم الفرج القريب.
وإنها لمن عاجل البشرى لأصحاب القافلة من الله أن جعل لهم شرف السبق
واختارهم دون غيرهم ليظهر بهم سلاحه الجديد، ويرفع في الأولين
والآخرين ذكرهم بهذا الشرف الكبير شرف كسر الحصار بهذا الهجوم الذي
نرى أنه والحمد لله قد آتى أكله على رغم كيد المتكبرين. وبقيت لأمتنا
كلمة.
لقد ساق الله- تعالى- إليكم قافلة الشرف هذه على غير انتظار ومن حيث
لا تحتسبون، فاحذروا أن تديروا لها ظهوركم وتشغلوا عن حقها عليكم،
استجيبوا لأمر الله إليكم في مثل هذا الحال فظاهروا الذين جاءوا
لإنقاذ فلذات قلوبكم ومعالم رجولتكم وإنسانيتكم بكل سبيل ممكن {
انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا
} [التوبة:41] ولا تدعوا غيركم
يفوز بشرف الدفاع عن كرامتكم بغير أن تسجلوا في صفحات التاريخ أنه كان
لكم في هذا الشرف سهم ونصيب.
آزروهم بكل سبيل ممكن، فلم تعد لأحد حجة في الاستخذاء والتخاذل
والركون إلى الظالمين.
آزروهم ولو بالاعتصام في المساجد والكنائس والميادين والأندية حتى
تلين القلوب القاسية فتستجيب وتتقدم بالضغط على صديقتها فإن المارد قد
استيقظ، والركب قد تجهز {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ
وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ
اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}
[آل عمران:126] وإلى أهل غزة الثابتين:
هنيئا لكم عاجل البشرى {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ
الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
} [آل عمران:139] فالغد إن شاء الله لديننا ولنا ولكم،
بالأمس أعلنت أمريكا تراجعها عن استرتيجيتها في استهدافها الإسلام
وذروة سنامه بعد أن أعجزها أمره، واليوم تتفجر مواطن العز في أمتكم
بثباتكم وصبركم الذي فاق كل صبر، صبرتم على خبث اليهود؛ وكيد الجار،
وخيانة الزعيم، وعمالة ذوي النفوذ، فجاءكم أحرار العالم من أطرافه
يسجلون لكم تقديرهم، ويشاركوكم شرف المصادمة للمجرمين، فاثبتوا على ما
أنتم عليه، ولا تفرطوا واجتمعوا على قادتكم المخلصين الذين ضرب الله
بهم الأمثال، وأقام بثباتهم معكم الحجة على المتخاذلين والخائنين، فلم
تبق إلا ساعة عنترة التي قال فيها، الشجاعة صبر ساعة، وأبشروا وأملوا،
{وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ
الْخَائِنِينَ} [يوسف:52]، وكل يوم
يمضي يكتب لنا ولكم فيه ثواب جديد، والنصر من وراء ذلك لا يتخلف ،فقد
{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي
إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}
[المجادلة:21] {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا
أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ
وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ
} [يوسف:110].
أما أنتم يا أحفاد محمد الفاتح وأبناء مراد وعبد العزيز وعبد الحميد
اعلموا أن الله وحده هو الذي يختار جنده، وينتخب صفوة العاملين له فهو
القائل- جل جلاله-: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ
اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
} [القصص:56]، ثبتكم الله على ما
أقامكم فيه، وانتدبكم له، وشرفكم به {
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا
فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ}
[العنكبوت:69].
16 من جمادى الآخرة 1431هـ الموافق 30 من مايو 2010م