خواطر غربية - هل تعرفين من يُدرِّس الإسلام بتلك الطريقة؟

منذ 2016-06-12

ووقتها أيقنت أن الانسان مهما بلغ من العمر ومهما صغر، فلن يستطيع الثبات على الطريق المستقيم إلا بحب الله عز وجل. فالعلم وحده لا يكفي بل لا بد أن يكون مقرونًا بالإيمان والقول والعمل.

وقفتُ بالصف استعدادًا للصلاة، وبجواري تلك الفتاة والتي تبدو أنها بأواخر المرحلة الابتدائية.
كانت تتحرك كثيرًا في صلاتها كعادة الكثيرات هذه الأيام خاصة ممن في عمرها.
لكني اجتهدت أن يكون تركيزي في صلاتي.
وفي ركعتي الشفع، وجدتُها جلست ولم تصل، فقلت لعلها ستُكمل الصلاة بالبيت كعادة البعض.
لكنها وقفت بعدها لتصلي معنا الوتر، وانتبهت هنا أنها وضعت يدها اليسرى على اليمنى.
وفي ختام الوتر قامت بالتسليم قبل أن يُسَلِّم الامام.

فأوقفتها بعد أن انهيت سلامي وأخبرتها بكيفية وضع اليدين في الصلاة ومتى يكون التسليم.
فأومأت برأسها وانصرفت.

وانشغلت بطفلي قليلًا، ثم قررت التحدث مع من كانت بجوارها ظنًا مني أنها والدتها، ودار الحوار التالي:

قلت: كيف حالك أختي، هل هذه ابنتك؟
قالت: بل ابنة اختي.
فأخبرتها بما حدث بيني وبينها.
قالت: أعلم ذلك ونصحتها كثيرًا ونبهتها ألا تتحرك بالصلاة ولكن بلا فائدة.
قلت: الكلام وحده لا يكفي بل ينبغي أن تتعرف على الله وتحبه، ووقتها ستتحسن صلاتها تلقائيًا حبًا وتقديرًا لله عز وجل.
قالت: يا ليتها دخلت مدرسة اسلامية بدلًا من المدارس الحكومية المليئة بغير المسلمين، وقتها كانت ستتعلم تعاليم الاسلام.
قلت: لكن هذه المعلومات التي كانت ستتعلم لا تكفي وحدها، بل لا بد أن تكون مقرونة بالحب والرغبة في التقرب من الله عز وجل لتحب توقيره والوقوف بين يديه.
قالت: صحيح، هل تعرفين من يُدرس الاسلام بتلك الطريقة؟
قلت: لا للأسف فقد اتيت هذه البلاد منذ شهور قليلة وما زلت لا أعلم عن من فيها الآن.

وهنا انتهى الحوار وافترقنا لكن صدى كلامها لم يفارقني.
فلقد عادت ذاكرتي إلى 15 سنة أو يزيد..

كنا وقتها في رمضان، لكن بمكان آخر في النصف الآخر من نفس هذه المدينة.
كنت بالمرحلة الجامعية وحديثة عهدي بالالتزام. وفي ذلك العام من فضل الله علي أن الأخوة بالمنطقة استأجروا مكانًا أمام منزلنا لنصلي به التراويح.
فأصبحت أمشي إليه، وهناك تعرفت على تلك الأخت واتفقنا أن نقرأ يوميًا في كتاب للرقائق في الدقائق التي ننتظر فيها الصلاة.
في أول يوم ونحن جالسين، وجدنا فتاة تقترب منا لتستمع..
وفي اليوم الثاني، انضمت بعض النساء..
وفي اليوم الثالث، أصبح هناك عدد كبير من مختلف الجنسيات، وتطوعت بعض الأخوات للترجمة لغير الناطقين بالعربية كوننا كنا نقرؤه بالعربية.
واستمرت تلك الجلسات الماتعة حتى نهاية رمضان، وقامت النساء الكبار خاصة بالمطالبة بإستمرارها بعد رمضان.

وفي هذه اللحظة رجعت مرة أخرى لواقعنا..
رجعت بتفكيري لتلك الفتاة التي كانت تصلي بجواري ولغيرها من الفتيات.
ورجعت للتفكير بأبنائي وغيرهم من الأولاد في هذه البلاد المليئة بالفتن.
ووقتها أيقنت أن الانسان مهما بلغ من العمر ومهما صغر، فلن يستطيع الثبات على الطريق المستقيم إلا بحب الله عز وجل.
فالعلم وحده لا يكفي بل لا بد أن يكون مقرونًا بالإيمان والقول والعمل.
ولكني هذه المرة علمت أن هذا لن يتحقق إلا بالتعرف على الله عز وجل وتقديره وتعظيمه. وكل هذا يحتاج لغرس التوحيد في قلوبهم بإسلوب مبسط ويناسب كل مرحلة عمرية.

ولذلك أقول لكل أم وأب

التوجيه والارشاد مهم جدًا في تعليم الابناء لكنه وحده لا يكفي، بل لا بد أن يكون مقترن بالترغيب والترهيب وغرس حب الله وتعظيمه وتقديره في قلوبهم، وأهم ما يجب تعليمه للابناء وغرسه في قلوبهم هو علم التوحيد.

أسأله سبحانه أن يحفظهم من كل الشرور والفتن وأن يجعلهم هاديين مهتدين، وأن يستخدمهم ولا يستبدلهم.

 


أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت
4 رمضان 1437

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

سوزان بنت مصطفى بخيت

كاتبة مصرية

  • 1
  • 0
  • 2,059
 
المقال التالي
ينقسم الماء إلى ثلاث وكذلك الناس ثلاث!

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً