تذوق المعاني - [16] أذكار بعد السلام من الصلاة

منذ 2016-06-21

بالدرجات العلا: إنهم حصَّلُوا الدرجات العلا، والنعيم المقيم وهو الجنة، بسبب حجهم وعمرتهم وجهادهم وصدقاتهم، وذلك كله بسبب قدرتهم على الدنيا، ونحن ما لنا دنيا!! فكيف نعمل حتى ندركهم؟ فقال لهم رسول الله: «ألا أعلمكم» إلى آخره؛ يعني: متى قلتم هذا القول تدركونهم وتشاركونهم فيما أوتوا به، وتسبقون به من بعدكم.

1. «أسْتَغْفِرُ اللهَ (ثَلاثا)، اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجَلالِ والإكْرَام» (رواه مسلم برقم [591]).

«أستغفر الله» ثلاثاً: قيل للأوزاعي- وهو أحد رواة الحديث -: "كيف الاستغفار؟"، قال: "يقول: أستغفر الله، 
أستغفر الله".

«أنت السلام»: السالم من المعايب والحوادث، والتغير والآفات، وهو اسم من أسماء الله تعالى؛ فالله هو السلام، وصف به نفسه في كونه سليماً من النقائص، أو في إعطائه السلامة.

«ومنك السلام»: السلامة، والمعنى: أنه منك يُرجى ويستوهب ويستفاد.

«تباركت»: تعاليت وتعاظمت، وأصل المعنى: كثرت خيراتك واتسعت، وقيل معناه: البقاء والدوام.

«يا ذا الجلال والإكرام»: المستحق لأن يهاب لسلطانه وجلاله، ويثنى عليه بما يليق بعلو شأنه، والجلال مصدر الجليل، يقال: جليل بيِّنُ الجلالة؛ والجلال: عِظَم القدر؛ فالمعنى: أن الله تعالى مستحق أن يُجَلَّ ويكرم، فلا يجحد، ولا يكفر به، وهو الرب الذي يستحق على عباده الإجلال والإكرام.

2. «لا إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ» (ثلاثًا)، (رواه مسلم برقم [593]) وزاد عليه البخاري [844] «اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِـمَا أعْطَيْتَ، ولا مُعْطِيَ لِـمَا مَنَعْتَ، ولاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ».

«لا إله إلا الله وحده لا شريك له»: إثبات التوحيد لله بأنه المستحق للعبادة وحده، ونفي وجود شريك له.

«له الملك»: أن الله هو حده مالك كل شئ، العالم المرئي لنا وغير المرئي.

«وله الحمد»: أن الثناء الكامل له وحده.

«لا مانع لما أعطيت»: لا أحد يقدر على منع ما أعطيت أحداً من عبادك، فإذا أراد الله تعالى أن يعطي أحداً شيئاً، واجتمع الإنس والجن على منعه، لعجزوا عن ذلك.

«ولا معطي لما منعت»: ولا أحد يقدر على إعطاء ما منعت.

«ولا ينفع ذا الجد منك الجد»: لا يمنع ذا الغنى أو الجاه أو السلطان غناه أو جاهه أو سلطانه من عذابك.

3. «لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ الـمُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ باللَّهِ، لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ، وَلا نَعْبُدُ إلاَّ إيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ ولَهُ الفَضْلُ ولَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ، لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّيْنَ ولَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ» (رواه مسلم برقم [594]).

«وهو على كل شئ قدير»: أي من يملك القدرة المطلقة التي لا تحدها حدود على فعل كل شئ وأي شئ.

«ولا حول ولا قوة إلا بالله»: لايوجد من يملك القدرة أو القوة على فعل أى شئ إلا بأمر الله ومشيئته.

«ولا نعبد إلا إياه »: عبادتنا مقصورة على الله تعالى، لا نتجاوزه بها إلى سواه.

«له النعمة»: النعمة الظاهرة والباطنة، وهي بكسر النون، ما أنعم به من رزق ومال وغيره، وأما بفتحها: فهي المسَرَّة والفرح وطيب العيش.

«وله الفضل»: في كل شيء، {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة من الآية:105].

«وله الثناء الحسن»: والثناء يشمل أنواع الحمد أي المدح والشكر. والثناء على الله تعالى كله حسن، وإن لم يوصف بالحسن.

«مخلصين»: أي أن توجهنا بالعبادة خالصة له دون إشراك غيره معه

«له الدين»: والمراد بالدين التوحيد.

«ولو كره الكافرون»: وإن كره الكافرون كوننا مخلصين الدين لله، وكوننا عابدين.

4. «سُبْحَانَ اللَّهِ، والحَمْدُ للهِ، واللهُ أكْبَرُ» (ثَلاثاً وثَلاثِين)، «لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ الـمُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ» (رواه مسلم برقم [597]، وجاء فيه: فتلك تسعة وتسعون، وتمام المئة: لا إله إلا الله).

وجاء عن أبي هريرة في فضل هذا الذكر وصفته: "أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله ، فقالوا: "ذهب أهل الدثور بالدرجات العلا، والنعيم المقيم؛ يصلّون كما نصلّي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها، ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون؟"، فقال: «ألا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم؛ إلا من صنع مثل ما صنعتم؟»، قالوا: "بلى يا رسول الله"، قال: «تسبحون، وتحمدون، وتكبرون، خلف كلِّ صلاة ثلاثاً وثلاثين».

قال أبو صالح: "يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، حتى يكون منهن كلهن ثلاثاً وثلاثين"(رواه البخارى برقم [843]، ومسلم برقم [595]).

الدثور: جمع دَّثْرُ ؛ وهو المال الكثير، ويقع على: الواحد، والإثنين، والجمع.

بالدرجات العلا: إنهم حصَّلُوا الدرجات العلا، والنعيم المقيم وهو الجنة، بسبب حجهم وعمرتهم وجهادهم وصدقاتهم، وذلك كله بسبب قدرتهم على الدنيا، ونحن ما لنا دنيا!! فكيف نعمل حتى ندركهم؟ فقال لهم رسول الله: «ألا أعلمكم» إلى آخره؛ يعني: متى قلتم هذا القول تدركونهم وتشاركونهم فيما أوتوا به، وتسبقون به من بعدكم.

كما نصلي: كصلاتنا بشرائطها مع الجماعة؛ والمعنى: إنهم شاركونا فيما نعمل من الصلاة والصوم، ولهم مزية علينا بأموالهم، حيث يحجون، ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون بفضول أموالهم.

«ألا أعلمكم»: ألا كلمة تنبيه، تنبه المخاطب على أن الأمر عظيم الشأن.

«تدركون»: بذلك الشيء وبسببه.

«من سبقكم»: والمراد السبق المعنوي؛ وهو السبق في الفضيلة.

«من بعدكم»: من بعدكم في الفضيلة ممن لا يعمل هذا العمل.

«ولا يكون أحد أفضل منكم»: أفضل منكم يدل على ترجيح هذه الأذكار على غيرها من الأعمال.

وجاء في رواية: «تسبحون في دبر كل صلاة عشراً، وتحمدون عشراً، وتكبرون عشراً» (رواه البخاري برقم[6329])، وهذه الرواية لا تنافي رواية الأكثر.

وفي رواية أن تمام المئة: «لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» (رواه مسلم برقم [597]).

وفي رواية: «أن التكبيرات أربع وثلاثون» (رواه مسلم برقم [596]).

وكلها صحيحة ويجب قبولها، فينبغي على الإنسان أن يجمع بين الروايات من حيث العمل؛ فيعمل بهذه تارة وبهذه تارة وهكذا..

قال المصحح: التسبيح، والتحميد، والتكبير أدبار الصلوات جاء على أنواع ستة على النحو الآتي:

النوع الأول: «سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، ويختم بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» ( رواه مسلم برقم [597]).

النوع الثاني: «سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، الحمد لله ثلاثاً وثلاثين، الله أكبر أربعاً وثلاثين» (رواه مسلم برقم [596]).

النوع الثالث: «سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين» (رواه البخارى برقم [843]، و رواه مسلم برقم [595]).

النوع الرابع: «سبحان الله عشراً، والحمد لله، عشراً، والله أكبرعشراً» (رواه البخارى برقم [6329]).

النوع الخامس: «سبحان الله إحدى عشرة، والحمد لله إحدى عشرة، والله أكبر إحدى عشرة» (رواه مسلم برقم [43-595]).

النوع السادس: «سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمساً وعشرين» (رواه النسائي برقم [1350 و1351]، والترمذي برقم [3413]، وصححه الألباني في صحيح النسائي، المصحح: والأفضل أن يقول هذا تارة، وهذا تارة، فينوِّع بين هذه التسبيحات).

وجاء عن عبدالله بن عمرو أنه قال: "لقد رأيت رسول الله  يعقدها بيمينه"، وفي رواية: "يعقد التسبيح بيمينه" (رواه أبو داود برقم [5065]، والترمذي برقم [3410]، والنسائي [3/74])، وفيه صفة التسبيح؛ وهو أن يكون باليد اليمنى فقط، وبطريقة العقد؛ أي: شد الإصبع إلى باطن الكف.

Editorial notes: شارك في التنسيق: رانيا قنديل

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.

  • 8
  • 0
  • 14,019
المقال السابق
[15] الأدعية بعد التشهد الأخير وقبل التسليم
المقال التالي
[17] آية الكرسي

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً