الفتاة وملابس البحر
ترى ما هذه الحرارة التي كانت تشعر بها الفتاة في جسدها؟ ولماذا لم ترتح للبس (المايوه) على البحر بينما أهلها يرحبون بذلك؟
حدثتني فتاة في العشرين من عمرها من إحدى الدول العربية أنها قبل
استقامتها كانت ترتدي (المايوه) على البحر وكانت تشعر بانقباض في
صدرها
و حرارة في جسدها عندما ترتديه، مع أن والدتها ترتديه أيضاً والأمر
عادي بالنسبة لهم، فقد نشأت على ذلك لكنها لم تكن مرتاحة أبداً
رغم أنها لم تكن تصلي ذلك الحين.
قالت لي ذلك بمرارة وحسرة على الماضي وهي تتمنى أن يهدي الله والدتها
كما هداها للحق.
ترى ما هذه الحرارة التي كانت تشعر بها الفتاة في جسدها؟ ولماذا لم
ترتح للبس (المايوه) على البحر بينما أهلها يرحبون بذلك؟
إنه نداء داخلي من أعماق النفس البشرية، نداء الفطرة السليمة التي
يحكيها لنا القرآن الكريم في قصة النشأة الأولى في اللباس وستر
العورة،
قال الله تعالى {فَدَلَّاهُمَا
بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا
وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ
وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا
الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ
مُبِينٌ} [الأعراف: 22]
لماذا يخصف آدم وحواء على جسديهما من ورق الجنة ويسترا
عوراتهما.؟
هل هناك تكليف شرعي؟ أم ماذا؟
إنه الحياء، فطرة في الإنسان قبل أن يكلف به شرعاً.. وهذا ما يفسر
لنا عدم ارتياح من سلمت فطرتها من النساء عندما ترتدي اللباس
العاري
وشعورها بالحرج منه، بخلاف من انتكست فطرتها فأصبحت ترى الجمال
قبحاً، والقبح جمالاً فرأت الحياء قبيحاً والتعري جميلاً!!.
نعود إلى حواء وآدم عليهما السلام، وما كان منهما في قصة كيد الشيطان
بهما لينزع عنهما لباسهما ويخرجهما من الجنة،
هذه القصة التي تتكرر يومياً مع أبناء آدم وبنات حواء ..
وقد ذكرها سيد قطب - رحمه الله - فقال ( راحا يجمعان من ورق الجنة
ويشبكانه بعضه في بعض «يخصفان» ويضعان هذا الورق المشبك على سوآتهما
مما يوحي بأنها العورات الجسدية التي يخجل الإنسان فطرة من تعريها،
ولا يتعرى ويتكشف إلا بفساد هذه الفطرة من صنع الجاهلية) ،
إن (الذين يحاولون تعرية الجسم من اللباس، وتعرية النفس من التقوى،
ومن الحياء من الله ومن الناس، والذين يطلقون ألسنتهم وأقلامهم وأجهزة
التوجيه والإعلام لتأصيل هذه المحاولة في شتى الصور والأساليب
الشيطانية الخبيثة هم الذين يريدون سلب الإنسان خصائص فطرته، وخصائص
إنسانيته التي بها صار إنساناً وهم الذين يريدون إسلام الإنسان لعدوه
الشيطان وما يريده به من نزع لباسه وكشف سوآته.
إن العري فطرة حيوانية ولا يميل الإنسان إليه إلا وهو يرتكس إلى
مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان، وإن رؤية العري جمالاً هو انتكاس في
الذوق البشري قطعاً، والمتخلفون في أواسط إفريقيا عراة.
والإسلام حين يدخل بحضارته إلى هذه المناطق يكون أول مظاهر الحضارة
اكتساء العراة! .
والعري النفسي من الحياء والتقوى هو ما تجتهد فيه الأصوات والأقلام
وبعض وسائل الإعلام، هو النكسة والردة إلى الجاهلية، وليس هو التقدم
والتحضر كما
تريد هذه الأجهزة الشيطانية المدربة الموجهة أن توسوس) .
كتبته
هناء الصنيع - 1431 هـ
- التصنيف:
nada
منذ