المعالم العقدية في الصيام
عند تأمل آيات وأحاديث الصيام تتضح لك بعض المعالم والجوانب العقدية في الصوم، التي ينبغي للمسلم أن يعتقدها ويحذر من سبيل الهالكين المخالفين لها
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله.
أما بعد:
عند تأمل آيات وأحاديث الصيام تتضح لك بعض المعالم والجوانب العقدية في الصوم، التي ينبغي للمسلم أن يعتقدها ويحذر من سبيل الهالكين المخالفين لها، وهي جوانب عقدية داخلة في اعتقاد أهل السنة والجماعة فمن هذه المعالم:
١- إخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى وأنها لا تُقبل بدونه حيث قال صلى الله عليه وسلم: «الإخلاص وهو الرياء وهو أن يعمل العمل يبتغي به غير الله، ويقول أيضًا في الحديث القدسي: « ». فيجب توحيد الله في الصيام بحيث لا يُصرف شيء منه لغيره سبحانه.
» فقوله: « » معناه أنه يحتسب الأجر من الله وحده في صيامه ولا يطلبه من غيره ففيه التحذير من ضد
٢- هناك بعض العبادات كانت مفروضة على الأمم السابقة لكن قد تكون كيفيتها مختلفة عن الكيفية التي شُرعت في الإسلام فالله سبحانه وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]. فالصوم مكتوب على الأمم السابقة لكن كيفيته مختلفة عن صيام أهل الإسلام.
إن الأنبياء دعوتهم واحدة وأتوا بأصل واحد وهو دعوة الناس لتوحيد الله قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25] لكنهم في الفروع مختلفون فشرائعهم مختلفة عن بعضهم البعض قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة:48].
لكن ذكر الله سبحانه وتعالى في آية الصيام أن الصوم مفروض على من قبلنا حتى يخفف على هذه الأمة في فرضه عليها وأنهم ليسوا وحدهم من فُرض عليهم الصيام بل سبقهم بذلك أمم.
٣- الإيمان بأن الكتب ومن ضمنها القرآن منزلة من عند الله سبحانه وتعالى وليست مخلوقة كما يقول أهل البدعة فالله سبحانه يقول: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185].
وهذا هو الاعتقاد الصحيح في الكتب التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على أنبيائه، فالقرآن أنزله الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في رمضان وعندما تتأمل قوله الصحيح الصريح: {أُنْزِلَ} تتعجب أشد العجب من ضلال أولئك الذين قالوا بخلق القرآن ومخالفتهم الواضحة لنص ومدلول هذه الآية.
٤- الإيمان بأن الله سبحانه أعد الجنة لمن أطاعه وأعد النار لمن عصاه وأنهما موجودتان الآن وأن لهما أبواب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « » (مسلم:1079) فهذا دليل على أنهما موجودتان الآن وأن لهما أبواب، وللصائمين باب في الجنة يقال له الريان لا يدخل منه غيرهم يقول صلى الله عليه وسلم: « » (البخاري:1896).
٥- الإيمان بوجود الملائكة والشياطين وأنهم عالم غيبي حقيقي موجود يقول صلى الله عليه وسلم: « »، ويقول الله سبحانه في ليلة القدر: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدر:4] وكذلك جاء في الحديث أن جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان.
٦- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على مخالفة أهل الكتاب وأنه يحرّم مشابهتهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: «السحر فقال: « » (مسلم:1098) فحث على مخالفتهم.
» (مسلم:1096) فأمر بالسحور وحث أمته عليه لأن أهل الكتاب لا يتسحرون أو أنهم يتسحرون في غير وقت
٧- أمة الإسلام وبالأخص أهل السنة والجماعة وسط بين الأمم فهم حق بين باطلين، والأمثلة على ذلك كثيرة منها أكلة السحر التي أمر بها الشارع وأن المسلم يبذل السبب مع توكله على الله وأن ذلك لا ينافي التوكل فأهل السنة بين فريقين: فريق يؤمن ويهتم بالسبب وحده دون الاعتماد والتوكل على الله وفريق آخر يتوكل على الله ولا يبذل السبب وكلاهما مخطئ.
٨- ليست هناك خلوة مشروعة في الإسلام يخلو بها العبد لوحده مع ربه ويتعبد له مدة من الزمن إلا في سنة الاعتكاف التي شُرعت في رمضان، خلافاً لبعض الطرق البدعية التي يهيم فيها أصحابها على وجوههم في الصحاري والقفار يتعبدون الله فيها، فهذه الطريقة مبتدعة ليست من دين الإسلام في شيء ومثله ما يفعله النصارى أيضًا.
٩- مجازاة الله سبحانه وتعالى للخلائق على أعمالهم يوم القيامة حيث قال الله في الحديث القدسي: « ».
هذا ما تيسر لي من جمع هذه المعالم والتي أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها كاتبها وقارئها وناشرها وأن تكون خالصة لوجهه الكريم سبحانه. وصلى والله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا.
مرعيد عبد الله الشمري
- التصنيف:
- المصدر: