بوح المحب.. رسالة من مسجدك المشتاق إليك
ملفات متنوعة
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وقائد الغر
المحجّلين من أثر الوضوء، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله
وصحبه أجمعين،
أما بعد...
أخي الحبيب!
لعلها المرة الأولى التي تقرأ فيها رسالة كتبتها إليك.. وأنا مسجدك الذي تسمع منه نداء لا إله إلا الله خمس مرات في كل يوم...
ولعلك تتساءل.. ما الذي دفع المسجد للكتابة إليك في هذا اليوم...
آه أخي الحبيب!
إنها همسات حانية وكلمات مخلصة وددت أن أبوح لك بها وها قد فارقنا شهر رمضان... ذلك الزائر الذي مر بنا سريعاً، وودّعنا قبل أن نملأ قلوبنا من فيضه وفضله.. ودَعنا قبل أن نشعر أنه مرّ بِنا... ودعنا وكأن لم يأت قط!...
لعلك قد عرفت الآن لمَ قررت أن أصارحك بما أكتمه بين جدراني وفي أروقتي في هذا اليوم، ونحن نودع ذلك الشهر الفضيل... ذلك الشهر الذي أُحبه وأنتظره في كل عام بشغف ولهفة واشتياق!... كيف لا؟! كيف لا وهو شهر القرآن والقيام؟!... كيف لا وفي هذا الشهر أرى وجوه أحبة طالما اشتقت لمرآها وتمنيت خدمتها...
أتدري أخي؟؟ كنت منذ أيام قليلة أستعد للإحتفاء بأفواج المصلين الذين سيتوافدون عليّ في رمضان يحيون ليله، يعتكفون في أواخره ويملأون جنباتي ذكراً وتسبيحاً وتلاوة عطرة..! كان شوقي يتزايد وأنا أرقب الأيام تمضي وأنا أشعر بها وكأنها كهل متعب لا يقوى على الحراك فكأنها لا تمشي قدماً أبداً!.. وأخيراً... جاء الحبيب! وهلّ رمضان بعد طول انتظار!
يالله!
يالها من لحظات!
ياله من شعور غريب عجيب وقد امتلأت الصفوف.. وعلا أزيز المصلين بالتلاوات العطرة!.. وأتت أول ليلة من ليالي الرحمة... وتزاحمت الأرجل.. ورُصَّت الصفوف كصفوف الملائكة!.. يا الله!.. ما أسعدني وأنا أشرف بهذه الجباه وهي تخر للرحمن سُجَّداً على أرضي وبين جنباتي! لك الحمد يالله أن اخترتني أنا لأكون الأرض التي يسجدون عليها... والجدران التي تسترهم وتقيهم الحر والبرد.. والسقف الذي يظلهم من شمس الأصيل...
الله أكبر!
نداء تكرر في جنباتي كعدد الحصى الذي بنيت به.. لا بل أكثر..! ولكنه في هذه اللحظات له طعم آخر... إنه نداء يخرج من أفواج من المصيلن لم أشرف بمثل أعدادهم منذ رمضان الماضي!.. يالله!... لكأن جدراني تتسع وصفوفي تمتد لتحتوي هذه الجموع المؤمنة فلا تشعر بضيق المكان!...
ياالله!
لكم انتظرت هذه اللحظات!
لكم مرت عليّ لحظات عصيبة طوال العام أعاني الوحشة والهجر...
كنت استمع لأنين المصاحف إذا ما أقفل المؤذن أبواب المسجد ليلاً بعد أن ينصرف الجميع.. وكنت أسمعها تشتكي غباراً اعتلاها ومصلين هجروها... كانت تنظر إلي منتظرة الجواب... كنت أشيح عنهم عيوناً فاضت بالدمع... وأكتم آهات تكاد تخرج عبر مكبرات الصوت قائلة: أين هم! أين الغر المحجلين! أين أحبابي؟ أين من تعلقت قلوبهم بالمساجد؟! أين من يحبون أن أشهد لهم أنهم قاموا لله فيه مصلين خاشعين ولبوا النداء إذ دعاهم للفلاح... ولكن...!
وجاء رمضان!
وأشرق الأمل من جديد..!
هاهم!....
إنهم قادمون!..
يؤنسون ليلي..
ويملأون نهاري ذكراً وتسبيحاً وصلاة..
ومرت الأيام والليالي سريعاً.... وكأنها جواد أبصر واحة ماء في فلاة فمضى جموحاً لا يوقفه أحد!..
ومضى رمضـــان!!
أحقاً مضى رمضان؟!
أحقاً مضت ليالي الرحمة والمغفرة والعتق من النيران؟
ترى... هل سأعود ورفاقي المصاحف إلى الهجر والنسيان والنكران؟!
هل انتهت تلك اللحظات الخاشعة بهذه السرعة؟!!
أحبتي!
اكتب لكم هذه السطور لعلي أصارحكم بما لم أبح لكم به من قبل!
أكتب لكم لأقول لكم كم أحبكم... وكم اشتاق إليكم!.. وكم انتظر ساعة تجمعني بكم فأشرف باحتوائكم بين جدراني وتحت قبابي..!
أكتب لكم.. وأنا الذي رقَّت حجارتي لنحيبكم في قنوت رمضان..
أكتب لكم وأنا الذي اشرأبت مئذنتي عالياً في السماء فخراً بجموعكم التي أتت أحسبها لا ترجو إلا الرحمة والمغفرة فملأت جوانبه...
أكتب لكم....أسائلكم.... هل يا ترى لن أراكم ثانية؟!
هل يا ترى ستعود الصفوف إلى حالها قبل رمضان؟!
أحبابي!....
إن لم تكونوا أنتم أنتم من يعمرني في رمضان وفي غير رمضان.. فمن سيفعل؟!
إن لم تكونوا أنتم أنتم من يخاطبهم الله عز وجل في كتابه قائلاً { وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ } [البقرة:43]
فلمن الخطاب..ولمن نزل الكتاب؟!
إن لم تكونوا أنتم أنتم من يلبي نداء الله ويأتي الصلاة "حيث ينادى بها" كما أرشد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.. فمن سيُلَبّي ويجيب؟!
أخي الحبيب!...
إنها كلمات أحببت أن أنقلها إليك.. علك تعرف مدى حسرتي ولوعتي لفراقك لي!
كلمات كتبتها لكي أحرك بها مشاعرك وقلبك.. علك تكون ممن تعلقت قلوبهم بالمساجد فيظلك الله في ظله "يوم لا ظل إلا ظله"!
كلمات كتبتها.. علني أشرف بخدمتك وأنت تنتظر الصلاة إلى الصلاة فتكون في رباط...
كلمات كتبتها علني أشرف بمد أرضي من تحتك سهلة منبسطة تشرف بحملك عليها في صلاة الفجر... وتفخر في جلوسك عليها في انتظار شروق الشمس فتصلي ركعتين وترجع بأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة!
كلمات كتبتها إليك علك تكثر الخطى إليّ، فيمحو الله خطاياك ويرفع درجاتك ويعد لك نزلاً في الجنة كلما غدوت أو رحت!
أخي الحبيب!
هذه بعض الأسرار التي كنت أخبئها بين أروقتي وتحت قبابي.. بحت لك بها لأني أحبك في الله... ولأني أدعو الله ألا يحرمني من شرف خدمتك ولخشيتي أن يكون هذا اليوم هو آخر لقاء بيننا إلى عام قادم!
أخي الحبيب!
من كان يعبد رمضان... فها قد مضى رمضان.. والله أعلم بالمتقين...
ومن كان يعبد رب رمضان.. فهو رب كل الشهور... وهو حي لايموت.. وهو القائل..
{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ. رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ } [النور:36-37]
فهلا كنت من هؤلاء الرجال؟!
أما بعد...
أخي الحبيب!
لعلها المرة الأولى التي تقرأ فيها رسالة كتبتها إليك.. وأنا مسجدك الذي تسمع منه نداء لا إله إلا الله خمس مرات في كل يوم...
ولعلك تتساءل.. ما الذي دفع المسجد للكتابة إليك في هذا اليوم...
آه أخي الحبيب!
إنها همسات حانية وكلمات مخلصة وددت أن أبوح لك بها وها قد فارقنا شهر رمضان... ذلك الزائر الذي مر بنا سريعاً، وودّعنا قبل أن نملأ قلوبنا من فيضه وفضله.. ودَعنا قبل أن نشعر أنه مرّ بِنا... ودعنا وكأن لم يأت قط!...
لعلك قد عرفت الآن لمَ قررت أن أصارحك بما أكتمه بين جدراني وفي أروقتي في هذا اليوم، ونحن نودع ذلك الشهر الفضيل... ذلك الشهر الذي أُحبه وأنتظره في كل عام بشغف ولهفة واشتياق!... كيف لا؟! كيف لا وهو شهر القرآن والقيام؟!... كيف لا وفي هذا الشهر أرى وجوه أحبة طالما اشتقت لمرآها وتمنيت خدمتها...
أتدري أخي؟؟ كنت منذ أيام قليلة أستعد للإحتفاء بأفواج المصلين الذين سيتوافدون عليّ في رمضان يحيون ليله، يعتكفون في أواخره ويملأون جنباتي ذكراً وتسبيحاً وتلاوة عطرة..! كان شوقي يتزايد وأنا أرقب الأيام تمضي وأنا أشعر بها وكأنها كهل متعب لا يقوى على الحراك فكأنها لا تمشي قدماً أبداً!.. وأخيراً... جاء الحبيب! وهلّ رمضان بعد طول انتظار!
يالله!
يالها من لحظات!
ياله من شعور غريب عجيب وقد امتلأت الصفوف.. وعلا أزيز المصلين بالتلاوات العطرة!.. وأتت أول ليلة من ليالي الرحمة... وتزاحمت الأرجل.. ورُصَّت الصفوف كصفوف الملائكة!.. يا الله!.. ما أسعدني وأنا أشرف بهذه الجباه وهي تخر للرحمن سُجَّداً على أرضي وبين جنباتي! لك الحمد يالله أن اخترتني أنا لأكون الأرض التي يسجدون عليها... والجدران التي تسترهم وتقيهم الحر والبرد.. والسقف الذي يظلهم من شمس الأصيل...
الله أكبر!
نداء تكرر في جنباتي كعدد الحصى الذي بنيت به.. لا بل أكثر..! ولكنه في هذه اللحظات له طعم آخر... إنه نداء يخرج من أفواج من المصيلن لم أشرف بمثل أعدادهم منذ رمضان الماضي!.. يالله!... لكأن جدراني تتسع وصفوفي تمتد لتحتوي هذه الجموع المؤمنة فلا تشعر بضيق المكان!...
ياالله!
لكم انتظرت هذه اللحظات!
لكم مرت عليّ لحظات عصيبة طوال العام أعاني الوحشة والهجر...
كنت استمع لأنين المصاحف إذا ما أقفل المؤذن أبواب المسجد ليلاً بعد أن ينصرف الجميع.. وكنت أسمعها تشتكي غباراً اعتلاها ومصلين هجروها... كانت تنظر إلي منتظرة الجواب... كنت أشيح عنهم عيوناً فاضت بالدمع... وأكتم آهات تكاد تخرج عبر مكبرات الصوت قائلة: أين هم! أين الغر المحجلين! أين أحبابي؟ أين من تعلقت قلوبهم بالمساجد؟! أين من يحبون أن أشهد لهم أنهم قاموا لله فيه مصلين خاشعين ولبوا النداء إذ دعاهم للفلاح... ولكن...!
وجاء رمضان!
وأشرق الأمل من جديد..!
هاهم!....
إنهم قادمون!..
يؤنسون ليلي..
ويملأون نهاري ذكراً وتسبيحاً وصلاة..
ومرت الأيام والليالي سريعاً.... وكأنها جواد أبصر واحة ماء في فلاة فمضى جموحاً لا يوقفه أحد!..
ومضى رمضـــان!!
أحقاً مضى رمضان؟!
أحقاً مضت ليالي الرحمة والمغفرة والعتق من النيران؟
ترى... هل سأعود ورفاقي المصاحف إلى الهجر والنسيان والنكران؟!
هل انتهت تلك اللحظات الخاشعة بهذه السرعة؟!!
أحبتي!
اكتب لكم هذه السطور لعلي أصارحكم بما لم أبح لكم به من قبل!
أكتب لكم لأقول لكم كم أحبكم... وكم اشتاق إليكم!.. وكم انتظر ساعة تجمعني بكم فأشرف باحتوائكم بين جدراني وتحت قبابي..!
أكتب لكم.. وأنا الذي رقَّت حجارتي لنحيبكم في قنوت رمضان..
أكتب لكم وأنا الذي اشرأبت مئذنتي عالياً في السماء فخراً بجموعكم التي أتت أحسبها لا ترجو إلا الرحمة والمغفرة فملأت جوانبه...
أكتب لكم....أسائلكم.... هل يا ترى لن أراكم ثانية؟!
هل يا ترى ستعود الصفوف إلى حالها قبل رمضان؟!
أحبابي!....
إن لم تكونوا أنتم أنتم من يعمرني في رمضان وفي غير رمضان.. فمن سيفعل؟!
إن لم تكونوا أنتم أنتم من يخاطبهم الله عز وجل في كتابه قائلاً { وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ } [البقرة:43]
فلمن الخطاب..ولمن نزل الكتاب؟!
إن لم تكونوا أنتم أنتم من يلبي نداء الله ويأتي الصلاة "حيث ينادى بها" كما أرشد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.. فمن سيُلَبّي ويجيب؟!
أخي الحبيب!...
إنها كلمات أحببت أن أنقلها إليك.. علك تعرف مدى حسرتي ولوعتي لفراقك لي!
كلمات كتبتها لكي أحرك بها مشاعرك وقلبك.. علك تكون ممن تعلقت قلوبهم بالمساجد فيظلك الله في ظله "يوم لا ظل إلا ظله"!
كلمات كتبتها.. علني أشرف بخدمتك وأنت تنتظر الصلاة إلى الصلاة فتكون في رباط...
كلمات كتبتها علني أشرف بمد أرضي من تحتك سهلة منبسطة تشرف بحملك عليها في صلاة الفجر... وتفخر في جلوسك عليها في انتظار شروق الشمس فتصلي ركعتين وترجع بأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة!
كلمات كتبتها إليك علك تكثر الخطى إليّ، فيمحو الله خطاياك ويرفع درجاتك ويعد لك نزلاً في الجنة كلما غدوت أو رحت!
أخي الحبيب!
هذه بعض الأسرار التي كنت أخبئها بين أروقتي وتحت قبابي.. بحت لك بها لأني أحبك في الله... ولأني أدعو الله ألا يحرمني من شرف خدمتك ولخشيتي أن يكون هذا اليوم هو آخر لقاء بيننا إلى عام قادم!
أخي الحبيب!
من كان يعبد رمضان... فها قد مضى رمضان.. والله أعلم بالمتقين...
ومن كان يعبد رب رمضان.. فهو رب كل الشهور... وهو حي لايموت.. وهو القائل..
{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ. رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ } [النور:36-37]
فهلا كنت من هؤلاء الرجال؟!