ماذا بعد حفظ القرآن ؟!!
منذ 2010-07-05
يحرص كثير منا على حفظ القرآن، و لكن .. كم منا من يحرص على التخلق بأخلاقه و العمل به ؟ نحن لا نريد نسخا فقط !!، فالقرآن منهاج حياة المسلم، فكم من الذين يحرصون على حفظه يحرصون على إسقاطه على واقعهم، و كم هم الذين يتخذونه منهاج حياتهم فعلا ؟؟
يحرص كثير منا على حفظ القرآن، و لكن .. كم منا من يحرص على التخلق
بأخلاقه و العمل به ؟ نحن لا نريد نسخا فقط !!، فالقرآن منهاج حياة
المسلم، فكم من الذين يحرصون على حفظه يحرصون على إسقاطه على واقعهم،
و كم هم الذين يتخذونه منهاج حياتهم فعلا ؟؟
نبينا محمد - عليه الصلاة و السلام - كان خلقه القرآن، فهل نتوق
نحن لأن نكون كذلك، أم أن هذا الأمر لا يعنينا، و المهم أن نحفظ
القرآن و حسب ؟!
حافظ القرآن يا إخوة، ينبغي أن يتميز عن غيره، ينبغي أن يعرف
بطهارة لسانه من الغيبة و من البذاءة، و بنقاء قلبه، و بسمو خلقه في
تعامله مع الناس، و باهتمامه بإخوانه المسلمين . يقول عبد الله بن
مسعود - رضي الله عنه -: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس
نائمون، و بنهاره إذ الناس مفطرون، و بحزنه إذ الناس فرحون، و ببكائه
إذ الناس يضحكون، و بصمته إذ الناس يخلطون، و بخشوعه إذ الناس
يختالون، و ينبغي لحامل القرآن أن يكون باكيا محزونا حليما حكيما
سكيتا، و لا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيا و لا غافلا و لا صخابا
و لا صياحا و لا حديدا - أي فيه حدة و هي الغضب - . و قال الفضيل :
حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي أن يلغو مع من يلغو، و لا
يسهو مع من يسهو، و لا يلهو مع من يلهو، تعظيما لله تعالى .
لنعقد الآن مقارنة بيننا و بين الصحابة - رضي الله عنهم - لنر
كيف كان فقههم في التعامل مع القرآن، و كيف تعاملنا نحن معه . قال ابن
مسعود - رضي الله عنه - : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن
حتى يعرف معانيهن و العمل بهن . و قال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا
الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي - صلى الله عليه و
سلم -، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها يعملوا بما فيها من
العمل، فتعلمنا القرآن و العمل جميعا . و عن جندب بن عبد الله قال :
كنا مع النبي - صلى الله عليه و سلم - و نحن فتيان حزاورة، فتعلمنا
الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا . و
قال عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما - : لقد عشنا برهة من الدهر، و
إن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، و تنزل السورة فنتعلم حلالها و
حرامها و زواجرها و أوامرها و ما يجب أن نقف عنده منها . و لقد رأيت
رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى
خاتمته لا يدري ما آمره و لا زاجره و ما ينبغي أن يقف عنده منه، ينثره
نثر الدقل .
كان الصحابة يتعاملون مع القرآن على أنه منهج حياة، وعوا هذه
القضية الجوهرية و عملوا بمقتضاها، فقهوا بأن القرآن للعمل به و ليس
لحفظه فقط !!، فلم يحفظه منهم إلا القليل . أما نحن، فكيف تعاملنا مع
القرآن ؟ نحن نقضي أوقاتا طويلة في تعلم أحكام التجويد.
ثم نحن نعنى بعد ذلك - أو قبل ذلك أحيانا - بحفظه، و لكن .. أين
حرصنا على فهمه و تدبره ؟ أين حرصنا على العمل به و التخلق بأخلاقه ؟،
أنا لا أقول بألا نحفظ القرآن، و لكن أن نحفظه و نعمل به نور على نور،
ثم إننا محاسبون على العمل به، و لسنا مكلفين جميعا بحفظه .
يقول أستاذنا د. مصطفى السباعي - يرحمه الله - : لو عمل المسلمون بآداب قرآنهم للفتوا الأنظار إلى روعته أكثر من ألف جمعية و ألف كتاب و ألف خطاب . و يقول أيضا : لم يكن عدد المصاحف عند المسلمين في القرن الأول من الهجرة يبلغ عشر معشار عددها عندهم اليوم، و هي الآن لا يتلى منها عشر معشار ما كان يتلى حينذاك، و ما يتلى بتفهم و تدبر لا يبلغ عشر معشار ما يتلى بغير تفهم و تدبر .
فلا تعجبن إذا لم يفعل القرآن في نفوس المسلمين في الحاضر عشر
معشار ما كان يفعله في نفوسهم في الماضي !!! .
إذا، فالواجب علينا أن نحرص على تهذيب أخلاقنا كما نحرص على حفظ كتاب الله عز و جل .
أعلمتم الآن الفرق بيننا و بين الصحابة، ذلك الجيل القرآني الفريد ؟ !! .
بقلم : لبنى شرف / الأردن
من زوار الموقع
المصدر: موقع طريق الإسلام
- التصنيف: