خواطر غربية - مجرد صورة
سلسلة التنازلات تبدأ دوما بخطوة. وحينها تذكرت قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:2]. فالله عز وجل يضعنا بتلك المواقف ليختبرنا وليواجهنا بحقيقة إيماننا ومدى تعظيمنا له في قلوبنا. وعلى قدر الإيمان يكون الثبات خاصة حينما يكون لك الحق ولستِ بموضع إضطرار أو خطر.
احتجت اليوم لتوثيق ورقة حكومية هامة، فذهبت بالموعد المحدد لقسم الشرطة ووجدت رجل مسن على مكتبه والذي توتر بمجرد أن رآني، ولا ألومه فقد اعتدت هذه النظرة لأنه على الرغم من كثرة المسلمات بهذه المنطقة لكن عدد المنتقبات فيها شبه منعدم، ومنذ حضوري لتلك البلاد وقد أصبحت مميزة جداً بلباسي، ليس فقط لأني ألبس النقاب بل بسبب لباسي ككل ذو اللون الاسود وكونه ساتر تمامًا فلا يظهر سوى العينين.
ودار بيننا الحوار التالي:
هو: هل معك إثبات شخصية؟
أنا: نعم، تفضل.
هو: هل يمكنني رؤية وجهك لأطابقها بالبطاقة؟
أنا: أفضل أن تراني شرطية (امرأة).
هو (بضيق): لقد رأيت صورتك، فما المانع من رؤية وجهك؟
أنا (بأريحية وثبات): هذه مجرد صورة وليست وجهي الحقيقي.
هو: حسنًا، لكن إن لم أجد شرطية فلن أوقع لكِ عليها.
أنا (بثقة): لا بأس.
ثم ذهب ورجع ومعه شرطية والتي قامت برؤية وجهي بعيدًا عن مرمى بصره.
وبعدها خرجت وتذكرت بعض المواقف التي مررت بها منذ حضوري لتلك البلاد، فأخت تحاول إقناعي بخلع النقاب أسوة بها لخوفها من غير المسلمين ونظراتهم. وأخرى حاولت اقناعي بتغيير لون لباسي إلى لون فاتح ليتقبلني الناس ولا ينفروا مني. وغيرها تحاول اقناعي أن أغير هيئته ليصبح عباءة وحجاب بدلاً من اسدال. ولكني رفضت وبشدة حتى في المطالب المباحة مثل الهيئة واللون كون التغيير هنا لم يكن لضرورة أو لأنه مباح بل لأن التغيير سيكون من أجل مرضاة الناس وخشية منهم، فمن خاف الناس، قل تعظيم الله في قلبه بقدر خشيته للناس. ومن تنازل من أجل الناس مرة، سيتنازل مرات ومرات حتى يفقد دينه بأكمله.
فسلسلة التنازلات تبدأ دوما بخطوة. وحينها تذكرت قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:2].
فالله عز وجل يضعنا بتلك المواقف ليختبرنا وليواجهنا بحقيقة إيماننا ومدى تعظيمنا له في قلوبنا. وعلى قدر الإيمان يكون الثبات خاصة حينما يكون لك الحق ولستِ بموضع إضطرار أو خطر.
لذا أنصح نفسي وإياكن بالثبات على دين الله تعالى، وعدم التفريط في شيء منه فهذا هو الصراط المستقيم، يقول الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:153].
والثبات على الدين يحتاج لإيمان راسخ، والإيمان يحتاج أن يكون راسخ بالقلب ويظهر في أقوالك وأفعالك. قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ}[إبراهيم:27].
فاحرصي رحمك الله على ذلك واعلمي أن الايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فاحرصي دوما على زيادته، وحين تذنبين فسارعي بالتوبة والاستغفار قبل أن ينفرط منك العقد.
أسأله سبحانه أن يثبت قلوبنا على دينه وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
13 رمضان 1437
- التصنيف: