إلى مثقفي مواقع التواصل الاجتماعي

منذ 2016-06-23

بقلم/  ماهر إبراهيم جعوان 
كتب [ د/عبد الكريم بكّار في كتابه "تكوين المفكّر"] :
(المثقف الحقيقي هو صاحب دور نضالي إلى جانب امتلاك روح التضحيّة بالكثير من مصالحه من أجل الجهر بآرائه وأفكاره وملاحظاته أما المثقف الوهمي هو الذي يجنح في خطابه إلى التبرير والتخدير والتزييف )
فالمثقف المستنير تنطلق ثقافته من واقع بيئته فيعالج الأخطاء بثقافته فلا ينفصل عن واقع الناس ومشكلاتهم يحافظ على ثوابت بيئته ويعيشها وينطلق بها من حال إلى حال ومن موقع إلى موقع حتى ينهض المجتمع ويتقدم ويصل إلى مكانته المرجوة فلا يكسر القواعد ولا القيم ولا المبادئ ولا الثوابت التي تؤمن بها الشعوب يشاركهم أحلامهم وآمالهم وآلامهم وحوائجهم.
إلهامه الفكري لهم لا عليهم فلا يكون مادة للسخرية والاستهزاء، يعلن أرائه واجتهاداته التي تظهر عوار يراه الجميع إلا هو فلا يعترف بخطأ ولا يراجع نفسه فكرياً أو تربوياً أو اجتماعياً أو سياسياً  فلا يؤثر ولا يتأثر لا يتقدم ولا ينجز لا يألف ولا يؤلف.
الثقافة حركة وعمل ونشاط وتضافر كما هى فكر وعقل وإبداع
يقول شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله (العلم بلا عمل كالشجرة بلا ثمر)
وسئل أحمد بن عطاء عن قوله ﷺ (طلب العلم فريضة علي كل مسلم) فقال: (علم الحال وعلم الوقت وعلم السر فمن جهل وقته وما عليه فقد جهل العلم الذي أمر به). فالمتحرك النشيط  الفعال المتعاون الباذل المعطاء هو المثقف صاحب الضمير اليقظ يحمي نفسه وأمته من الزلل
(وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون).
المثقف مِلك للأمة يحمل مشروعاً عاماً للجميع وليس مشروعاً ذاتياً وإلا يكن نفعياً أنانياً تكبر الأنا لديه يعامل الناس من برج عاجي عال  فتنفصل أطروحاته عن واقعه ولا تظهر له بصمه ولا أثر.
وبعض أصحاب الرأي لم ينالوا حظاً وافراً من التعليم ولم يتميزوا قط ويتهربوا من هذا بالآراء الشاذة ذات الشو الإعلامي والتي تثير الخلاف واللغط وتروج الشبهات والشهوات ولو كانت على حساب الدين والوطن فيتهربون من مشاكلهم النفسية والعاطفية والوجدانية والفكرية ليواروا تناقضهم وتذبذبهم وترددهم ومعاناتهم في التواصل والاندماج (وأنا أأمن أن المثقف لا يلزمه بالضرورة تعليم عال  فكم من علماء تخرجوا بلا مدارس فإذا اجتمعت سطحية الفكر مع ضحالة العلم فلك أن تتخيل عن أي صنف نتحدث)
فأتمنى لبعض المثقفين أن يمتهنوا وظيفة أخرى كما يقول الصحفي الايطالي انطونيو غرامشي في (دفاتر السجن):(كل الناس مثقفون وهكذا فان باستطاعة المرء أن يقول ولكن ليس لكل إنسان وظيفة المثقف في المجتمع)
ويقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله  ( من الناس من يكون مجلداً يناقش ويناظر وربما يفحم من أمامه ولكن في الصدر منه شئ فذاك الفرق بين التقي وغير التقي) ويقول أحمد بن حنبل رحمه الله مخاطبا ضعاف الفكر والثقافة والعمل والإيمان (إذا كان هـذا هـو عقلك فقـد استرحت).


 

  • 1
  • 0
  • 2,484

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً