السحور الوجبة المباركة
{بسم الله الرحمن الرحيم }
السحور ليس شرطًا في الصيام، وإنما هو سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعلها وأمر بها، وقال: « » [متفق عليه من حديث أنس] فيُسن السحور ويسن تأخيره، لأنه مما يقوي المسلم الصيام، ويخفف عنه مشقة الصوم؛ حيث يقلل مدة الجوع والعطش، وقد جاء هذا الدين بالميسرات، التي تيسر على الناس عباداتهم، وترغبهم فيها، ومن ذلك تعجيل الفطور وتأخير السحور، فيسن للمسلم الصائم أن يقوم إلى السحور ويتسحر ولو بالقليل كالتمرة أو شربة ماء، عملاً بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي السحور فائدة أخرى روحية، وهي التنبه والاستيقاظ قبل الفجر، فساعة السحور يتجلى الله فيها لعباده، فيجيب من دعا، ويغفر لمن استغفر، ويتقبل ممن عمل صالحًا. وما أعظم الفرق بين من يقضي هذا الوقت ذاكرًا تاليًا، ومن يمر عليه راقدًا نائمًا.
ويرى خبراء التغذية أن وجبة السحور تحل مكان وجبة الفطور العادية، لذا يجب أن تتألف من الأطعمة نفسها من حيث نوعيتها وتوازنها، وهناك نصائح عامة بالنسبة للسحور، نوجزها في النقاط التالية:
• من المهم جدا تناول وجبة السحور قبل أذان الفجر بساعتين على الأقل، لإعطاء الفرصة لتناول مشروبات كالعصائر الطبيعية أو شاي بالحليب، بعد وجبة السحور بفترة مناسبة.
• إذا تأخر وقت السحور لقبيل الفجر، وكنت ممن ينزعجون من الطعام قبل النوم مباشرة، فيمكن أن تقتصر وجبة السحور على الفاكهة الطازجة أو المجففة، كالموز وعصير البرتقال الطازج.
• الإكثار من الدهون، ثم النوم مباشرة، يزيد من نسبة هذه الدهون في الدم، فتزيد كثافته، ولذا قد تحدث مضاعفات وخيمة بالنسبة لمرضى الشرايين والقلب، لأنها تعتبر عوامل مساعدة على تكوين الجلطات.
• الغذاء المتكامل والمتوازن يتكون من البروتينات والدهنيات والنشويات والمعادن والفيتامينات، لذلك احرص على أن تشمل وجبة السحور تلك الصورة الغذائية، مع الوضع في الاعتبار أن المشويات أفضل بكثير من الملقيات لأن الأخيرة تحتوي على نسبة كبيرة من الدهون.
• يجب أن تكون وجبة السحور خفيفة ما أمكن، حتى لا يتسبب في حدوث عسر في الهضم، وأن يحتوي على مواد بروتينية، لأنها تساعد على الإشباع أكثر من المواد النشوية، التي تسبب جوعا بسبب زيادة الأنسولين. فتكون مثلا من: الزبادي والجبن وشرائح اللحم المسلوق والفاكهة أو الفول المضاف إليه الزيت النباتي والليمون، وهذه النوعية تكفي لمد الجسد بما يحتاجه أثناء فترة الصيام، لكن يجب أيضا أن تحتوي الوجبة على نسبة متواضعة من النشويات، لإمداد الجسم بالطاقة لساعات الصيام الطويلة.
• وجبة السحور يجب أن نبتعد فيها عن المقليات كالبطاطس المحمرة أو الباذنجان، أو المخللات، أو البسطرمة والتونة لاحتوائها على نسبة عالية من الملح، أو التوابل ومكسبات الطعم التي تؤدي إلى آلام القولون، وكذلك فإن تناول الحلويات الرمضانية كالكنافة والقطايف في وجبة السحور يؤدي إلى الإحساس بالعطش طوال النهار.
• من المهم أيضًا تناول الزبادي أو اللبن الرايب لأنهما مصدران للبروتين سهل الهضم، بالإضافة لاحتوائهما على الفيتامينات والأحماض الأمينية الكبريتية، فضلا على البكتيريا النافعة التي تطهر الأمعاء من البكتيريا الضارة، بالإضافة إلى أن الألبان المخمرة تقلل من الإحساس بالعطش أو الحموضة لأنها تقلل إفرازات المعدة الحامضية. وعلى السيدات الحوامل والمراهقين خاصة أن لا ينسوا كوب الحليب أو اللبن الزبادي كمصدر للكالسيوم خلال شهر رمضان الكريم، ويمكن استبداله بكوب من السحلب مع القرفة وقطعة من الكعك.
• ينبغي الحرص على احتواء وجبة السحور على الخضروات التي تحتوي على نسبة عالية من الماء مثل: الخس والخيار؛ لأنها تنبه الجسم للاحتفاظ بالماء لفترة طويلة، وتقلل من الإحساس بالعطش أو الجفاف، إلى جانب أنها مصدر جيد للفيتامينات والأملاح.
• إذا كنت تفضل البيض في السحور فعليك بالمسلوق وليس المقلي لسهولة هضمه، ولا بأس من تناول قليل من العسل الأسود أو الأبيض كمصدر للطاقة، وللوقاية من نزلات البرد عليك بتناول الجوافة أو الفلفل الأخضر أو الليمون أو البرتقال أو الجزر والخضروات الورقية عمومًا فكلها تحتوي على الفيتامينات خاصة فيتامين «ج/c».
• أكبر خطأ أن نستهلك على السحور طبق الوجبات السريعة كالهامبرجر أو سندويشات الشاورما أو اللحم، فهي غنية بالدهنيات والملح وتزيد من الإحساس بالعطش أثناء الصوم.
• يحدث الصداع مع الصيام لأسباب عدة، منها نقص كمية الكافين التي اعتاد عليها المرء خلال يومه ( القهوة والشاي )، قلة النوم، وجود استعداد شخصي للمرء لحدوث الصداع، ونقص سكر الدم الذي يمكن تلافيه من خلال الالتزام بوجبة السحور. إضافة إلى وجود أعراض ما يعرف بالصداع "التوتري" الناجم عن الضغوط اليومية النفسية، والتي من فضائل الشهر تدريب الشخص على التعامل معها بطريقة روحانية أفضل.
• تحتاج المرأة المرضع، إلى كمية من الماء، تتراوح بين 6-8 أكواب يوميا، وإلى مواد غذائية نوعية، خلال فترة الإرضاع (500 سعر حراري إضافي). ويفضل أن يزداد عدد الرضعات في الفترة ما بعد الإفطار، وقبل نهاية السحور، حتى تتم تغذية الطفل جيدا، وتعويض كميات السوائل خلال هذه الفترة. ويعتمد صيام الأم على حالة الرضيع، وصحته، وعمره، ووزنه.
• إذا كنت ممن يتعاطون بعض الأدوية، وقادر على الصوم فلا تنس أن تأخذ علاجك.
د/ خالد سعد النجار
[email protected]
- التصنيف: