ما هي أرجى آية في كلام الله؟ أو أكبر آية فرجًا؟

منذ 2016-07-02

{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53].

الحمد لله وحده.

أ- {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53].

هو مروي عن عليّ، وابن مسعود، وابن عمرٍو، وابن عمرَ، وغيرِهم، وهذه أولاها بالرجاء والفرج بالمعنى العام، ولنسبتها لعدد من الصحابة مع صحة سند بعض ذلك.

ب- لكن، روى ابن أبي حاتم والحاكم وصحّحه (ولا يصحّ، ولكنّه بديع!):
التقى عبد الله بن عبّاس وعبد الله بن عمرو بن العاص، فقال ابن عبّاس: "أيّ آية في القرآن أرجا عندك؟" فقال عبد الله بن عمرو: "قول الله: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا} [الزمر من الآية:53]"، فقال ابن عباس: "لكن؛ أنا أقول: قولُ الله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ} [البقرة من الآية:260] فرضيَ مِن إبراهيم قولَه: {بَلَىٰ} فهذا لما يَعرِض في الصّدور، ويوسوِس به الشّيطان"!!

ج- {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النور:22].
نسب إلى عبد الله بن المبارك أنه قال ذلك.
قال بعضهم معلّلا: "لبقاء العموم في الآية، أن من غَفَر لمن أساء له؛ استحقّ العفو والمغفرة".
قلتُ: وفات هذا التعليلُ الحسن ابنَ عطية رحمه الله، فذكر غيره، وردّه.

د- {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّـهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [الأحزاب:47]:
قال ابن عطيّة: "سمعتُ أبي رضي الله عنه يقول: إنّ أرجى آية في كتاب الله عندي قوله تعالى: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّـهِ فَضْلًا كَبِيرًا، وقد قال تعالى في آية أخرى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ ۖ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [الشورى من الآية:22]، فشرح الفضل الكبير في هذه الآية وبشر بها المؤمنين في تلك"!!

هـ- {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ} [الضحى:5]!
قال بعضهم: هي أرجى آية، لأنّ النبيّ لا يرضى وواحد من أمته في النار!
ورواه الواحدي عن محمد بن علي الباقر قال: "إنا أهل البيت نقول: أرجى آية في كتاب الله عز وجل: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ} [الضحى:5] وهي والله الشفاعة، ليعطينها في أهل لا إله إلا الله حتى يقول: ربّ رضيت، وزدتني على أمتي في أمتي".
ونسبه بعض المتأخرين لعليٍّ، وأراه خطأ.

و- {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى:30]:
قاله الإمام اللغويّ نفطويه، قال رحمه الله: "الكثير الذي يعفو الله عنه لا يحصى. وهذه من أرجى آية في القرآن".
ونُسبَ إلى عليّ رضي الله عنه، وحكي أنه قال رضي الله عنه: "(إذا كان يكفِّر عني بالمصائب، ويعفو عن كثير، فماذا يبقى من ذنوبي بين كفارته وعفوه"!!
ونُسب إليه أنه قال: "لأنّ الكريمَ إذا عاقب مرةً لا يُعاقِب ثانياً، وإذا عفا لا يعود"!!
وقال الواحدي: "وهذه أرجى آية في كتاب الله لأنه جعل ذنوب المؤمنين صنفين: صنف كفره عنهم بالمصائب، وصنف عفا عنه في الدنيا، وهو كريم لا يرجع في عفوه، فهذه سنة الله مع المؤمنين".

ز- {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ} [الرعد:6]:
نسب إلى ابن عباس.

ح- {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّـهَ يَجِدِ اللَّـهَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء:110]:
نسب إلى ابن مسعود.

ط- {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد من الآية:19]:
قال بعضهم: هذه أرجى آية للمؤمنين، لأن الله أمر محمّدًا صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لهم، فلم يسعه إلا أن يفعل.

ي- {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ} [محمد:11]:
قال القشيري: "ذلك بأنه سبحانه يقول: {بِأَنَّ اللَّـهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا} ولم يقل: مولى الزهاد والعباد وأصحاب الأوراد والاجتهاد فالمؤمن -وإن كان عاصيًا- من جملة الذين آمنوا".

ك- {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّـهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التوبة:102]:
وهو منسوب لأبي عثمان النهدي، التابعي الكبير رحمه الله.

ل- {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ . جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ . وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر:32-34].
نسب إلى جعفر الصادق أنها أرجى آيات، قال: "لأنه جمع بين الظالم والمقتصد والسابق، ثم قال: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا}"!!
وقال بعضهم: "الواو في قوله: {يَدْخُلُونَهَا}؛ أحبّ إلي من كذا وكذا"!!

م- {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ} [طه:48].
نسب إلى ابن عباس، قال: "لأن المؤمن ما كذب وتولى".

ن- {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء من الآية:48]:
قيل هي أرجى آية لأهل التوحيد، وحكي عن علي رضي الله عنه.

 

** كنتُ جمعت لنفسي في العام الماضي ما قيل فيه: أرجى آية.
ونهجُ الجمع لم أقصد فيه إلى التحقّق من ثبوت القول إلى قائله، بل أوردتُه بشرط الورود حسب، وأنا أظنّ هذا هو اللائق بالمقام هنا.
** ولم أدع مما وقفت عليه إلا نزرًا يسيرًا، حيث غلب على ظنّي أنه مكذوب على قائله، ثم لم أجد الآية المذكورة ظاهرة في الرجاء.

المصدر: صفحة الشيخ على الفيس بوك
  • 14
  • 1
  • 122,437

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً