المجموعة الخامسة
أبو الهيثم محمد درويش
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
- قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" أصل الخير والشر من قبل التفكر ؛ فإن مبدأ الإرادة والطلب في الزهد والترك والحب والبغض ، وأنفع الفكر الفكر في مصالح المعاد وفي طرق اجتلابها وفي دفع مفاسد المعاد وفي طرق اجتنابها...ورأس (هذا) القسم الفكر في آلاء الله ونعمه وأمره ونهيه وطرق العلم به وبأسمائه وصفاته من كتابه وسنة نبيه وما والاهما ، وهذا الفكر يثمر لصاحبه المحبة والمعرفة ، فإذا فكر في الآخرة وشرفها ودوامها ، وفي الدنيا وخستها وفنائها أثمر له ذلك الرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا ، وكلما فكر في قصر الأمل وضيق الوقت أورثه ذلك الجد والاجتهاد وبذل الوسع في اغتنام الوقت.وهذه تعلي همته وتحييها بعد موتها وسفولها وتجعله في واد والناس في واد. وبإزاء هذه الأفكار الأفكار الرديئة التي تجول في قلوب اكثر الخلق.كالفكر فيما لم يكلف الفكر فيه،ولا أعطي الإحاطة به من فضول العلم الذي لا ينفع، كالفكر في كيفية ذات الرب مما لا سبيل للعقول إلى إدراكه".
- "كثر الحث في كتاب الله تعالى على التدبر والاعتبار والنظر والافتكار ، ولا يخفى أن الفكر هو مفتاح ومبدأ الاستبصار ، وهو شبكة العلوم ومصيدة المعارف والفهوم ، وأكثر الناس قد عرفوا فضله ورتبته ولكن جهلوا حقيقته وثمرته ومصدره".
- من توهم أن الله خلق السماوات مع عظمها وارتفاعها وخلق الأرض لعبا دون حكمة, فإنه بذلك قد ظن السوء ، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} . [صّ:27] .
- حين يتأمل العبد شعائر الإسلام العظيمة وتشريعاته الربانية يخرج بالعديد من الدروس والعبر ، ومن أهم الدروس التي يقف عندها كثيرا يقينه بأن الله تعالى يحبه ويريد به الخير واليسر والهداية ، يريد بعبده أن يتشبه بالملائكة الذين هم : { عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: من الآية26] .وهم أيضا : { لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: من الآية6] .
- إن الناس فى مواجهة الجديد لا سبيل لهم إلا بالعلم ومعرفة التاريخ ولهذا قص الله سبحانه وتعالى علينا قصص الأوائل والأمم الغابرة.
دعا الله عز وجل عباده للتفكر في هذه الآيات التي أودعها كونه الواسع: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمّىً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} [الروم:8]
- كلام الأئمة في أدوات الفتيا وشروطها :
قال الإمام أحمد في رواية ابنه صالح عنه: "ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالما بوجوه القرآن عالما بالأسانيد الصحيحة عالما بالسنن وإنما جاء خلاف من خالف لقلة معرفتهم بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وقلة معرفتهم بصحيحها من سقيمها".
وقال في رواية ابنه عبد الله: "إذا كان عند الرجل الكتب المصنفة فيها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلاف الصحابة و التابعين فلا يجوز أن يعمل بما شاء ويتخير فيقضي به ويعمل به حتى يسأل أهل العلم ما يؤخذ به فيكون يعمل على أمر صحيح".
وقال في رواية أبي الحارث: "لا يجوز الإفتاء إلا لرجل عالم بالكتاب والسنة" وقال في رواية حنبل: "ينبغي لمن أفتى أن يكون عالما بقول من تقدم وإلا فلا يفتي".
وقال محمد بن عبد الله بن المنادي: "سمعت رجلا يسأل أحمد إذا حفظ الرجل مائة ألف حديث يكون فقيها قال: لا قال: مائتي ألف قال: لا قال: فثلثمائة ألف قال: لا قال: فأربعمائة ألف قال: بيده هكذا وحرك يده" قال أبو الحسين وسألت جدي محمد بن عبيد الله قلت: "فكم كان يحفظ أحمد بن حنبل قال أخذ عن ستمائة ألف".
قال أبو حفص: قال لي أبو إسحاق: "لما جلست في جامع المنصور للفتيا ذكرت هذه المسألة فقال لي رجل فأنت هو ذا لا تحفظ هذا المقدار حتى تفتي الناس فقلت له عافاك الله إن كنت لا أحفظ هذا المقدار فإني هو ذا أفتي الناس بقول من كان يحفظ هذا المقدار وأكثر منه".
قال القاضي أبو يعلى: "وظاهر هذا الكلام أنه لا يكون من أهل الاجتهاد إذا لم يحفظ من الحديث هذا القدر الكثير الذي ذكره وهذا محمول على الاحتياط والتغليظ في الفتوى" ثم ذكر حكاية أبي إسحاق لما جلس في جامع المنصور قال: "وليس هذا الكلام من أبي إسحاق مما يقتضي أنه كان يقلد أحمد فيما يفتي به لأنه قد نص في بعض تعاليقه على كتاب العلل على الدلالة على منع الفتوى بغير علم لقوله تعالى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}".