رؤية في القضية الشيعية
منذ 2010-07-23
اختلاف الناس فيما يعتقدون سنة كونية لا يكاد يخلو منها دين، والناس مختلفون في كل ما ينتمون إليه، وفي كل زمان وفي كل مكان، {وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}
اختلاف الناس فيما يعتقدون سنة كونية لا يكاد يخلو منها دين، والناس مختلفون في كل ما ينتمون إليه، وفي كل زمان وفي كل مكان، {وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود:118]، ويرجع ذلك لطبيعة النفوس لا لدلالات النصوص، فغالب الاختلافات نوع هوى وبغي لا جهلاً بالحقيقة، وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل بأنهم ما تفرقوا وما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم وذلك بسبب البغي، قال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة:4]، وقال أيضا: {وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ} [الجاثية:17]. فطبيعيٌّ جداً ظهور الخلاف. وطبيعيٌّ جداً أن يتواجد في المجتمع أقلية وأكثرية (سواء عرقية أو عقدية)، بل هو حال كل المجتمعات في كل زمان ومكان، وبديهي أن تتحكم إحداهما في الأخرى، وبديهي أن الأكثرية تتبعها الأقلية، وهذه مسلمة عقلية لم يجادل فيها أحد إلا من قريب..عقدين أو ثلاثة من الزمن فقط.
ثم برزت على السطح بصورة أكبر بعد التحولات السياسية في العقد الأخير، ووجدنا من يتحدث عن (الأقليات) في سياق لا يخلو من الضغط والابتزاز.
ولا شك أن تحريك الأقليات -الدينية أو العرقية- سياسة موجهة لبعض المجتمعات دون بعضها، وسياسة تتبع للضغط على الدول، أو لإثارة المشاكل وتفعليها داخل الدول، هذا هو الإطار العام الذي يتم فيه تحريك الأقليات في المجتمعات.
بهذه الخلفية نحصل على صورة أوضح للأسباب الحقيقية لتحريك القضية الشيعية وقضية التعايش في المملكة العربية السعودية حفظها الله.
هل كان للشيعة هنا مشكلة؟؟
لم يكن للشيعة في يوم من الأيام أي مشاكل من قبل الدولة، فلم تتعرض لإنسانيتهم ومعيشتهم، ولم يُضطهدوا، إلا ما كان في إطار الحفاظ على الأمن، كمجابهة الدولة لمنظمة "الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية" التي قامت بدعم إيراني عقيب قيام ثورة الخميني، وتولى التنظير لها حسن الصفار (الشيخ المعتدل) كما يحلو لبعضهم أن يسميه، وقمع تلك المنظمة وتفكيكها وغيرها من الحركات الشيعية في السعودية واجب ديني ووطني، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك واضح: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه ».
وقمع تلك المنظمة وغيرها من الحركات الشيعية سواء في الشرقية أو الجنوب يشبه ما تقوم به الدولة تجاه التكفيريين أو القاعديين، إذ كلا الطرفين يستهدف البلاد السعودية عقديا وسياسيا.. وكلا الطرفين مدفوع ببواعث دينية وسياسية حاقدة على القيادة السياسية والشرعية في البلد فالقول في أحدهما كالقول في الآخر، فلا أدري لم التفرقة؟
ماذا يريد الشيعة؟!
على المستوى المحلي:
يريدون أن يكونوا أكثرية، أو أن يتحكموا في الأغلبية، ويسير الكثرة الكاثرة على هوى القلة النادرة، ويريدون أن تحترم طقوسهم وشعائرهم الدينية الوثنية (غالبا) ويجاهرون بها في كل مكان أسوة بالسنة.
هذا المطلوب من حيث الجملة فيما يبدو لي، الصفار في البيان التالي، يذكر بأن أهل القطيف قد يكون حالهم مرضي بعض الشيء، ولكن ماذا عن الأقليات الشيعية في باقي المملكة؟؟
الصفار (منظر منظمة الثورة سابقا) لا يعجبه أن يمارس الشيعة طقوسهم داخل حدود الإقليم الذي يتكاثرون فيه -وهم قلة- بل يريد لكل قرية أو مدينة في البلاد السعودية بها بيت أو بيتان للشيعة أن تتحول لكيان موازي للأغلبية من أهل السنة! فتبنى لهم الحوزات والمساجد الخاصة بهم، ويسمح لهم بإعلان لطمياتهم وطقوسهم المحرفة التي يشتمل غالبُها على شرك، والشرك أعظم ما يحارب ويُعصى به الله تعالى[1]! ولن تتوقف مطالبهم أبدا، حتى تسيطر الأقلية على الأغلبية!
وعلى المستوى الدولي:
نسمع أخباراً من هنا وهناك.. عن الهلال الشيعي الذي يمتد من إيران إلى لبنان، وكاد يكتمل بعد أن تشيع العراق سياسياً وتم تهجير السنة من جنوبه واحتلاله بالشيعة الإيرانيين، وهاهم فئران الشيعة يتجمعون في جنوب المملكة العربية السعودية لإثارة القلاقل وإقامة دولة شيعية على الحدود الجنوبية. دولة ذات ولاءات خارجية معلومة، وامتدادات عرقية وطائفية داخلية[2]، دولة يستفيد منها (الآخر) في ابتزاز الداخل مادياً وفكرياً ومعنوياً[3].
ولا يخفاكم أن أي دولة تقوم على يد مقاتلين دولةٌ تتمدد ولا تبقى مكانها، وشواهد الوقع تؤكد أن كل دخول عسكري وغزو لدولة ما لا يقف عند حد بل يتواصل[4] وتمتد رقعته، وخاصة حين يكون الغازي من أصحاب المبادئ الفكرية والعداوة الطائفية والدعم الطائفي القريب.
الليبراليون والشيعة والعداوة لمن؟
يدعم الشيعة نفرٌ من الليبراليين والحاقدين على التوجه السني في الدولة ويصطفون معهم في كل نازلة آخرها ما حصل مع الشيخ محمد العريفي، ويتم استدعاء الشيعة للساحة الفكرية السعودية في إطار النيل من التوجه السني، وهذا استدعاء غير محسوب ومثير للشك والقلق؛ فالشيعة لا يمكن التعاطي معهم بدون استحضار الأبعاد الخارجية لهم، وبدون النظر للحراك الخارجي العسكري والسياسي على حدود الدولة.
إن هؤلاء الداعمين للطائفة الشيعية يحملون ضغينة في قلوبهم ليس على القيادة الشرعية للبلاد ممثلة في كبار علمائها وهيئتها الرسمية، ولكنهم يحملون ضغينة أكبر على الدولة ذاتها لأنها تعلن انتماءها السلفي في كل وقت، وتفاخر بوهابيتها ولا تجد غضاضة في ذلك.
إن هؤلاء الصغار يريدون أن يعبثوا بأمن بلادهم واستقراره مع أنهم يرفعون شعار (الوطنية)، وما يعرضونه لا يمثل حلاً للمشكلة التي افتعلوها، بل مزيد تعقيد وإثارة لفتنٍ لم تكن موجودة من قبل. ولا نحسب ولاة الأمر حفظهم الله في غفلة من هذا.
وكل من يُفَعِّل ويبرِز المشكلة الشيعية ويعظمها ويطالب بالتعايش[5] والحقوق مع وجود ما ذكرنا من أبعاد خارجية لهم -أي الشيعة- فهو إما مغفل يحركه آخرون عملاء فيكون عميلا من حيث لا يدري، أو أنه ذا نوايا سيئة تجاه الدولة السعودية السلفية..وخاب وخسر.
شذى صالح
عشية الاثنين الموافق 20/4/1431هـ
=====================
[1] المطالبون بحقوق الشيعة -أعني الليبراليين ومن شايعهم- لا يهمهم أمر التوحيد ولا يشكل لهم أي قلق، بل هم غالبا ممن يعادي عقيدة السلف التي رأس الأمر فيها التوحيد. وممارسة الطقوس الوثنية تدخل عند هؤلاء ضمن حرية التدين!
[2] بان ذلك واتضح لمن غُر بشيعة الشرقية أتباع الصفار (المعتدل!!!!) في تأييدهم المطلق للحوثيين عبر منتدياتهم.
[3] يريدون أن تظل الدولة السعودية وباقي دول الخليج تحت التهديد الشيعي ويريدون أن نظل بحاجة لحمايتهم.
[4] ولنا في فلسطين وغزو اليهود لها ولسائر بلاد الشام عبرة.
[5] ويثير من يطلقون مصطلح التعايش ويطالبون به الكثير من علامات الاستفهام فما الذي يريدونه بالتعايش خلاف المسالمة والتمتع بحقوق المواطنة ضمن ما تسمح به الشريعة؟؟؟
- التصنيف:
nada
منذ