سيد القمني والمسيحية
استمعت منذ فترة للقمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة العذراء بمسطرد يحذر المسيحيين من الانقياد لبعض الأقلام المسمومة التي تهاجم المسيحية في طيات هجومها على الإسلام وضرب مثال بسيد القمني وهجومه على الكتاب المقدس ..
استمعت منذ فترة للقمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة العذراء
بمسطرد يحذر المسيحيين من الانقياد لبعض الأقلام المسمومة التي تهاجم
المسيحية في طيات هجومها على الإسلام وضرب مثال بسيد القمني وهجومه
على الكتاب المقدس وهو الأمر الذي لفتني إلى دراسة كتب الرجل فوجدت
فيها ما هالني من احتقار واستهزاء بكل ما في "الكتاب المقدس" ولتقريب
الأمر فهذا بعض ما في كتابه "الأسطورة والتراث" مما يتعلق بالمسيحية
آملا أن يكون فيه درس وعظة لبعض الأقلام المتطرفة من أقباط المهجر
الذين احتفوا بالقمني وبذاءاته ضد الإسلام ومقدساته.
المرجع الأساسي الذي رجعت إليه في هذا الرصد هو كتاب" الأسطورة
والتراث"، الطبعة الثالثة 1999، الناشر:المركز المصري لبحوث الحضارة
(تحت التأسيس)، القاهرة.
يقول القمني عن إِله المسيحية الظاهر في الجسد:
لذلك رأت المسيحية أن تُخالِف ذلك فاعتبرت إلهها الشهيد خروفاً وليس جدياً أو تيساً واعتبرت الخروف القربان الأمثل وعليه فكل من يؤمن بالإله الخروف فهو من أهل اليمين الخالد في النعيم.
ومن هنا يتضح إصرار الأناجيل على تأكيد خروفية المسيح وليس تيسيته أو ألوهيته وليس شيطَنَتُه....، وهذا الإله الخروف هو... حمل الله.
ولذلك توضح الأناجيل أن الرب المسيح كان هو القربان والكبش الأعظم لأنه حمل الله ولأنه الخروف.. رب الأرباب وملك الملوك، وبالتأكيد هو الخروف الذي ذبح.
وأنه هنا يكمن السر في التضحية بسيد القبيلة أو مَلكِها باعتباره الأب و المعبود تمثل في ذروته في التضحية بالخروف الأكبر (يسوع) في العقيدة المسيحية.
2- سيد القمني يصف أحد الأسفار المقدسة بالكتاب المقدس بأنه سفر جنسي إغرائي! (ص 78 الأسطورة والتراث):
في الوقت الذي يقول فيه البابا شنودة في تأملاته على سفر نشيد الإنشاد أن "الروحيون يقرءون هذا السفر، فيزدادون محبة لله. أما الجسدانيون، فيحتاجون في قراءته إلي مرشد، لئلا يسيئوا فهمه، ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية" انتهى، مقدمة كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنودة الثالث.
كما أن سفر نشيد الإنشاد المنسوب للنبي (سليمان) لا يتسم بأية صفة دينية، ولا يمت للمعتقدات العبرية بصلة، كما لا تنسجم محتوياته أصلا مع طبيعة الكتاب المقدس، فهو أناشيد غزلية مكشوفة تماما تنضح بالتعابير الجنسية تدور كحوار بين عشيق وعشيقته، يصف فيها العاشق مفاتن عشيقته واقتدارها الجنسي، وهو بالمقارنة مع طقس عشتار (الزهرة الرافدية) المسمي بـ(الزواج المقدس) بين الكاهنة الكبرى للبغايا المقدسات وبين الملك الذي كان يعد كبيراً للكهنة في نفس الوقت، لتحريض القوي الإخصائية على العطاء، نجد نشيد الإنشاد يكاد يكون نسخة منقولة.
كما أن في الكتاب المقدس سفرا لا يتسم بأي صفة دينية هو نشيد الإنشاد للنبي الملك(سليمان)، وهو مجموعة غزليات جنسية بحتة تشير إلى نوع من طقوس الجنس المقدسة، التي عرفناها في عبادة الثالوث.
أكد (ديورانت) أن العهر المقدس ونظام المنذورات كان طقساً يمارس في هيكل بني إسرائيل وكان ضمن المنذورات تلك الفتاة اليهودية التي أخذت في المسيحية بعد ذلك دور الأم وعرفت باسم الإلهة مريم في الديانة المسيحية والتي أنجبت الإله الابن (يسوع) المسيح.
مع ملاحظة أن استمرار الوجود الأنثوي في العبادة مستمر حتى الآن في العقيدة المسيحية التي تعتبر مريم أم الإله المسيح من أبيه السماوي وهذه الأم إلهة تستوجب الاحتفال والعبادة.
وهي الصفة التي حملتها الإلهة (مريم في العقيدة المسيحية) رغم إنجابها للمسيح وإخوته (ص121 الأسطورة والتراث).
ورغم أن هناك أمور غير منطقية بالكتاب المذكور (يقصد الكتاب المقدس) (ص 122 الأسطورة والتراث)،
بل يقول إن قصة شرب نوح للخمر وتعريه قصة توراتية ملغومة في ص 221.
فلا ريب أن في الظروف الموضوعية التي أحاطت بالشعب العبري -وهو شعب رعوي- صاحب ومؤلف الكتاب المقدس (ص 122 الأسطورة والتراث).
وقديماً وحديثاً، وربما لأمد مقبل، كان الدين هو الأسلوب الأكثر فعالية وعملية، وقد تمكن العبريون من التضلع في فنونه، واستثمروه وفق برامج جدوى عالية الكفاءة و الجودة، مع انتهاز لّماح لكل ما يطرأ في المنطقة من تغيرات على مختلف الأصعدة، لنشر القناعات المطلوبة بين أهلها، ومن هنا نفهم لماذا كانوا في عجلة من أمرهم لوضع كتاب مقدس (BIBLE)، جمعوا له حشداً من كل ما وقع تحت أيديهم من ميثولوجيا المنطقة وتراثها، مع التدخل بما يلزم وقتما لزم الأمر، فكان هذا الكتاب مأثرتهم الوحيدة، لكنه كان الأوحد الثابت، بعد اندثار الحضارات الأصلية، وانقطاع أهلها عن تاريخها، بينما كانت للمقدس العبري منهلاً و منبعاً، بحيث أثبت صلابة لا تبارى، لا نجد لها سببا سوى الوعي بالتاريخ و التواصل معه. (ص 188 الأسطورة والتراث).
ومن ثم قام (برستد) بعقد مقارنات عديدة وهامة، بين ما عثر عليه من نصوص مصرية، وبين النصوص التوراتية، كان من أهم نتائجها: أن حكمة الملك المصري الإهناسي المعروفة ب "نصائح إلى مرى كا رع Mare Ka Ra" قد وجدت طريقها إلى سفر (صموئيل) وسفر الأمثال، كما أثر تصور المصريين لمفهوم العدالة تأثيراً لا يقبل شكاً في سفر (ملاخي) وهو يقول: "إليكم يا من تخافون اسمي، تشرق شمس العدالة بالشفاء في أجنحتها - ملاخي ص4"، ويعقب بأن العدالة في المفهوم المصري مثلتها الإلهة "ماعت" بنت "رع" الشمس، وإن شمس العدالة وصفتها التوراة بأن لها أجنحة، ولم يوجد في أي تصور عبري صورة لإلههم يهوه تمثله بأجنحة، ولم يوجد ذلك إلا في النقوش المصرية وحدها. ثم يؤكد أن اليهود -لاشك- كانوا على علم بأنشودة إخناتون العظيمة لإله الشمس، بعد أن قارنها بسفر المزامير، وكذلك كانوا على علم بحكم الحكيم المصري (آمن موبيAmen Mu Be)، بعد إن عقد بينها وبين أسفار (أرميا و المزامير و الأمثال) مقابلة نصية كادت تكون حرفية، استغرقت حوالي خمس وثلاثين صفحة من القطع الكبير، هذا ناهيك عن العدد الكثيف الجم الغفير مما قدمه (برستد)، أكتفينا منه بهذه اللمحات، مع الإحالة إلى المصدر لمن ابتغى المزيد. أما عالم السومريات (كريمر) فقد قدم جهداّ مشابهاً في مقارنات مدهشة حقاً ما بين التراث السومري وبين التوراة، حتى كاد يجزم أن كل آراء السومريين في الكون و الدين قد انتقلت بتفاصيلها إلى التوراة، وذلك عبر البابليين الذين سبق أن ورثوا التراث السومري وشذّبوه وقدموه إلى الدنيا، ويمكن الرجوع في ذلك تفصيلاً إلى أهم كتبه المترجمة، وهي: "السومريون تاريخهم و حضارتهم وخصائصهم"، "الأساطير السومرية"، "من ألواح سومر". (ص 192 و193 الأسطورة والتراث).
أحرِقوا جميع مدنهم، بمساكنهم، وجميع حصونهم بالنار. ( عدد - 31 - 10).
اقتُلوا كل ذكر من الأطفال، وكل امرأة (عدد 31-17).
أحرِقُوا حتى بنيهم وبناتهم بالنار. (تثنية 12 -31).
فضرباً تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف، وتحرقها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف، تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها، وتحرق بالنار المدينة، وكل أمتعتها، كاملة للرب إلهك. (تثنية 13 - 15-16).
6- يصف القمني إله المسيحية بأنه كان يأكل من الشجر ليتغذى! (ص 198 الأسطورة والتراث):
وقد اتسم الإله بصفة الخلد لأنه كان يتعاطى في هذه الجنة من شجرة الحياة التي تمنح الحياة الأبدية، كما اتسم بالمعرفة، لأنه كان يتغذي من شجرة أخرى هناك هي شجرة المعرفة. ويوما قرر الرب خلق الإنسان المدعو (آدم)، ثم خلق له من ضلعه أنيساً هو (حواء) زوجته، ووضعها معه في الجنة، لكنه حرم عليهما ثمرة شجرة المعرفة.
وحتى تثبت التوراة جدارة بني عابر بالأرض، ورب الأرض، تجعل الإله الكنعاني يمر بتجربة مريرة، يستشعر بعدها مدى حاجته الشديدة للعصابة العبرية، فتروى: فبقى يعقوب وحده، وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر، ولما رأى أنه لا يقدر عليه، ضرب حق فخذه، فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه". وبرغم أن "حق فخذ يعقوب" قد انخلع في الجولة الصراعية، فانه يستمر يضغط على خصمه مما يضطره إلى ترجيه "وقال: أطلقني، لأنه قد طلع الفجر"، وهنا، وفي هذه اللحظة التاريخية يكتشف يعقوب شخصية خصمه الحقيقية، التي تخشى النور و النهار، ويعرف فيه "إل" إله كنعان، فيرفض يعقوب إطلاقه إلم يباركه، بما تحمل هذه البركات من أعطيات.
" وقال: أطلقني لأنه قد طلع الفجر، فقال: لا أطلقك إن لم تباركني، فقال له ما اسمك؟ فقال: يعقوب: فقال: لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب، بل إسرائيل، لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت، وسأل يعقوب وقال: اخبرني عن اسمك، فقال: لماذا تسأل عن اسمي؟ وباركه هناك فدعا يعقوب اسم المكان فينيئيل، قائلا: لأني نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي "تكوين - 33 - 24: 30".
ومن هنا تغير اسم (يعقوب) إلى (إسرائيل)، فليصبح أولاده من بعده يحملون اسم "بني إسرائيل"، والكلمة (إسرائيل) هي في الأصل العبري "صرع - إيل"
وتعني " مصارعة الرب" أو "صارع الرب"، وهكذا أثبت (يعقوب) لرب كنعان قدراته، ومن ثم استحقاق هذا الرب للحماية، وفرض الإتاوة، وسلب الأرض، ونهب العرض، ولا بأس أن تتدخل الشروحات المتفذلكة لتؤكد أن الكلمة (إسرائيل) تعني أيضاً (جندي الرب)، أي حامي الرب و المدافع عن حياضه وذماره؟!
ثم إنه إذا كان أكل الخروف إلى اليوم، هو أكل الإله ذاته -كما هو واضح تماما في العقيدة المسيحية- فهل التقرب يتم هنا للإله بالإله نفسه؟ أعنى أن الاعتقاد بهبوط الإله المسيح من السماء و موته على الصليب لفداء البشر، و أكل الخروف في الفصح المسيحي تذكره به، حيث قال المسيح: "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيًّ و أنا فيه"، هل يعد هذا الاعتقاد تقرباً للإله ذاته؟؟ إن ذلك يبدو لي غير منطقي بالمرة ولا يمكن أن أتصور الإنسان حتى اليوم يتقرب للإله بالإله ذاته، فينزل من عرشه السماوي ليصلبه على الأرض، ثم يأكله بعد ذلك خروفاً.
9 -الكتاب كله مليء وينضح بأن المسيحية ما هي إلا تجميع لأساطير قديمة ووثنيات سبقت المسيحية:
وكرر ذلك الكلام في أكثر من موضع فمثلا في ص 130 يقول:
وفوق كل هذا كله فإن نظريتي تتسق مع آخر الديانات الفدائية الكبرى (المسيحية)، التي اعتقدت في إلوهية المسيح، ذاك الإنسان الذي أعاد إنجيل (متى) أصل نسبة إلى بيت الملكين (داود) و ابنَهُ (سُليمان)، فكان ملكاً منتظراً لليهود يمسح بالزيت المقدس مسيحاً، ثم يقودهم ويحررهم من الاستعمار الروماني، لكنه استشهد على الصليب، فاستحق الأُلوهية، لأنه في الاعتقاد المسيحي قد أسلم نفسه للصليب بإرادته فداء لكل الشعب، وإن الإيمان به، أكل لحمه وشرب دمه ممثلا في خروفه الطوطمي في الفصح، يرفع كل الخطايا عن البشر، وخاصة أن عرش ملك اليهود المنتظر كان عرش (يهوه) إله اليهود، لذلك كان المسيح ملكاً و إلهاً.
ومن هنا لا نستغرب عند قراءة الأساطير القديمة لآلهة الفداء، أن نجد الإله (تموز) يستشهد وهو في هيئة التيس، وكذلك (بعل) الكنعانيين وكذلك (أدونيس) الفينيقي الذي قتل على أنياب خنزير بري، وكذلك (أتيس) إله فريجيا الذي استشهد إبان صراعه مع وحش بري، وهو يتلبس هيئة التيس؟!
3 - 8 - 2009 م
- التصنيف: