[05] الخوف من عاقبة المعصية
خالد أبو شادي
فالمعصية الواحدة قد يغفرها الله لك كما يملك أن يُعذِّبك بها
- التصنيفات: تزكية النفس -
فالمعصية الواحدة قد يغفرها الله لك كما يملك أن يُعذِّبك بها فاسمع: "يا مغرورًا بالأماني: لُعِن إبليس وأُهبط من منزل العز بترك سجدة واحدة أُمر بها، وأُخرج آدم من الجنة بلقمة تناولها، وحُجب القاتل عنها (أي: الجنة) بعد أن رآها عيانًا بملء كف من دم، وأُمر بقتل الزاني أشنع القتلات بإيلاج قدر الأنملة فيما لا يحل له، وأمر بإيساع الظهر سياطًا (أي: الجلد) بكلمة قذف أو بقطرة من مسكر، وأبان عضوًا من أعضائه بثلاثة دراهم، فلا تأمنه أن يحبسك في النار بمعصية واحدة من معاصيه {وَلَا يَخَافُ عُقۡبَـٰهَا} [الشمس: 15].
دخلت امرأة النار في هِرَّة، وإن الرجل المتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب".
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي *** درج الجنان ونيل فوز العابد
ونسيت أن الله آخرج أدما *** منها إلى الدنيا بذنب واحد
وقد تنسى ذنبك ولكن الله لا ينسى!!
نموت ونبلى غيـــر أنَّذنـوبنا إذا نحــــــن مِتـــنا لا تموت ولا تَبلى
وإليك هذا الخبر الذي يبعثه لك أبو هريرة ليبعث- لا الخوف فحسب- بل الرعب في قلبك فتتوقى أشواكًا كانت تعلق بأثوابك من ذي قبل دون أن تلقي لها بالاً، وآن لك بعد قراءة هذه السطور أن تنتبه.
عن أبي هريرة: فلما انصرفنا مع رسول الله إلى وادي القرى ونزلنا بها أصيلاً مع مغرب الشمس، ومع رسول الله غلام له أهداه له رفاعة بن زيد، فوالله إنه ليضع رحل رسول الله إذ أتاه سهم غرب (طائش) فأصابه فقتله. فقلنا: هنيئًا له الجنة. قال: «البخاري: 6707].
» [صحيحسبحان الله! هذا رجل رآه الناس من أهل الجنة، وأصبح من خدم رسول الله يراه حيث يقوم ويصوم ويعظ الناس، يصب له ماء الوضوء، ويتبرك بآثار طهوره، ولكن ذلك كله لم يشفع له ومعصية واحدة صغيرة أدت به إلى النار، ولو كانت شملة من غنيمة لا يؤبه لها.
سمع رجل من أصحاب رسول الله هذا الحديث ورأى هذه الواقعة فقال: أصبت شراكين لنعلين لي (أي: من الغنائم)، فقال له النبي: « (يقطع) »، ولما كلف الرسول أحد أصحابه بتقسيم الغنائم ولقي من التعب والحر الشديد ما جعله يعصب رأسه بعصابة من الغنائم يتقي بها الشمس، قال النبي له: « »، وتوفي رجل من أشجع فلم يصلِّ عليه وقال: « ».
كلمات تقشعر لها الأبدان، وتهلع لها الأفئدة، ولهذا نوصيك ونقول: احذر معاصيك وتذكر أن أول الغيث قطرة، وإنما السيل اجتماع النقط، وما الكف إلا إصبع وإصبع، ومعظم النار من مستصغر الشرر، وإليك هذه الموعظة البليغة التي نطق بها أبو الفرج ابن الجوزي: "غاب الهدهد عن سليمان ساعة فتواعده، فيا غائبًا عنا طول عمره، أما تحذر غضبنا، خالف موسي الخضر في طريق الصحبة ثلاث مرات، فحلَّ عقد الوصل بكف {هَـٰذَا فِرَاقُ بَيۡنِى وَبَيۡنِكَۚ} [الكهف: 78]، أما تخاف يا من لم يف لنا قط أن نقول في بعض زلاتك {قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيۡنِى وَبَيۡنِكَۚ}.