[11] ادفع الثمن أولًا
خالد أبو شادي
إذا رأيتم طالب العلم يطلب الزيادة من العلم دون العمل فلا تعلِّموه، فإنَّ من لم يعمل بعلمه كشجرة الحنظل كلما ازداد ريًّا بالماء ازداد مرارة، وإذا رأيتموه يُخلِّط في مطعمه ومشربه وملبسه ونحو ذلك ولا يتورع، فكُفُّوا عن تعليمه تخفيفًا للحجة عليه غدًا.
- التصنيفات: تزكية النفس -
كان عكرمة حريصًا كل الحرص على أن لا يصل هذا العلم إلى من لا يستحق؛ لذا قال رحمه الله: لا تعلِّموا العلم إلا لمن يعطي ثمنه، فقيل له: وما ثمنه؟ قال: "يضعه العالم عند من يعمل به".
وبيَّن سفيان الثوري السبب في ما قال عكرمة، فانطلق يشرح: "إذا رأيتم طالب العلم يطلب الزيادة من العلم دون العمل فلا تعلِّموه، فإنَّ من لم يعمل بعلمه كشجرة الحنظل كلما ازداد ريًّا بالماء ازداد مرارة، وإذا رأيتموه يُخلِّط في مطعمه ومشربه وملبسه ونحو ذلك ولا يتورع، فكُفُّوا عن تعليمه تخفيفًا للحجة عليه غدًا".
وصدق الشاعر حين قال:
لو كان العلم دون التقى شرف *** لكان أشرف خلق الله إبليس
لذا لما بعث قوم إلى سفيان الثوري يطلبون أن يُحدِّثهم اشترط عليهم: "حتى تعملوا بما تعلمون، ثم تأتوني فأحدِّثكم"، ثم أردف في صراحة فاضحة: "يدنِّسون ثيابهم ثم يقولون تعالوا اغسلوها!!".
ولذا خوَّفك سري بن المغلِّس السقطي فقال: "كلما ازددت علمًا كانت الحجة عليك أوكد".
وأهمية عودة الروح كانت واضحة وأخذت ما تستحق من سلفنا المبارك، ومن هذا ما ذكره الإمام الذهبي في ترجمة عبد الرحمن بن شريح رحمه الله: قال هانئ بن المتوكل: حدثني محمد بن عبادة المعافري قال: كنا عند أبي شريح فكثرت المسائل فقال: "قد درنت قلوبكم، فقوموا إلى خالد بن حميد المهري استقلوا قلوبكم، وتعلموا هذه الرغائب والرقائق؛ فإنها تُجدِّد العبادة وتورث الزهادة، وتجر الصداقة، وأقلّوا المسائل فإنها في غير ما نزل تقسِّي القلب وتورث العداوة".