العلمانية في طبعتها (الأسدية)
إن العلمانية في حاضنتها الأصلية في الغرب تيه وضلال، لأنها رد فعل على خرافات الكنيسة وطغيانها ورعايتها للجهل وتحالفها الثابت مع الاستبداد. وعلى أساس خطايا القسس عادى العلمانيون الغربيون كل دين بصرف النظر عن التثبت من صحته!!
قبل أسابيع قرر وزير التربية السوري طرد1200 من المنتقبات السوري من
حقل التعليم بدون سابق إنذار، ولو في حدود تخييرهن بين النقاب والعمل
معلمات!! بالرغم من رفضنا الجذري للمبدأ الفاسد نفسه.
وبعد أقل من شهر سار وزير التعليم العالي السوري على طريق زميله فقرر
منع تسجيل المنتقبات في الجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية. وقدم
الرجل تبريراً يثير ضحك الثكالى فزعم أن المواطنين هم الذين طالبوه
بهذه الخطوة الاستفزازية. ثم أوضح أن السبب هو الحفاظ على الطابع
العلماني للنظام!!
والعلمانية هي هوية النظام السوري منذ الانقلاب العسكري الذي جاء
بديكتاتورية حزب البعث في عام1963م، وإن كان القوم قد أطلقوا على
انقلابهم اسم"ثورة"!!فالكذب فن أصيل يتقنه الطغاة العرب في العصر
الحديث.
فمن الناحية النظرية إذاً فإن نظام بشار الأسد-وأبيه حافظ الذي أورثه
النظام الثوري التقدمي الاشتراكي-نظام يرفع شعارات العلمانية بكثير من
الفخر، فما مدى صدق النظام في ادعائه، بصرف النظر إن كانت العلمانية
مصدراً للزهو أصلاً؟
إذا نظرنا إلى العلمانية الببغاوية المفروضة بالقوة في بلاد المسلمين،
فإنها ليست سوى ستار لتغريب الأمة وتطويعها تطويعاً عجز عنه الغرب في
فترات الاحتلال العسكري المباشر لهذه البلدان. بهذا المعنى فإن نظام
البعث السوري علماني بنسبة 1000000%. فهو مناوئ للإسلام بشراسة في
الفكر وفي السلوك، والاستثناء اليتيم هو نظام ملالي قم الذي يتحالف
معه نظام الأسد، بصورة أثارت السخرية من حجم التناقض بين قوميته
المفتراة وانحيازه لجانب الفرس خلال الحرب العراقية الإيرانية-وكان
قرينه بعث العراق يحكم بغداد يومئذ- وكذلك قبوله بإصرار طهران على
احتلال الجزر الإماراتي الثلاث وتخليه عن المطالبة بتحرير
عربستان(الأحواز)، بل طرد رموز المناضلين الأحوازيين وتسليم بعضه
للجلاد الصفوي الذي أعدمهم على الفور!!
والأمر نفسه ينطبق على المفارقة بين نظام يدعي العلمنة يحالف نظاماً
يشبه نظم الكنيسة الأوربية في العصور الوسطى المظلمة!!
غير أن الواقع السوري أشد سوءاً من كل ما تنطق به الحقائق
المذكورة!!فالسلطة الفعلية في نظام الأسدين السابق واللاحق هي في أيدي
طائفة واحدة فهي على ضآلة عددها تحتكر جميع مفاصل القوة في البلد،
فقادة ألوية الجيش ومديرو أجهزة الاستخبارات هم جميعاً من النصيرية !!
بل إن السيطرة الاقتصادية انضمت أخيراً إلى دائرة الاحتكار
الطائفي(يكفي التذكير باعتقال النائب الجريء رياض سيف منذ بضع سنوات
لمجرد فضحه نهب ابن خالة الرئيس الحالي للوطن والمواطن باحتكار شركتي
الموبايل في صفقة فريدة من نوعها في التاريخ المعاصر)!!
إن النظام السوري لا يعني بعلمانيته سوى إدامة اضطهاده للأكثرية
السنية ولا سيما للدعاة وطلبة العلم، وبخاصة إذا كانوا سلفيين!!
والأعجب في علمانية نظام الأسد تغاضيه عن نشر التشيع الصفوي في
المجتمع السوري ، بل إنه يوفر لكهنته دعماً يلمسه السوريون بحسرة
مكبوتة بسبب شراسة الأجهزة المخابراتية المتخصصة في التعذيب إلى حد
القتل!!وسبق أن نشرنا مؤخراً في الموقع عرضاً من ثلاث حلقات لكتاب
البعث الشيعي الذي يوثّق بالأرقام والمعطيات المؤكدة عملية نشر الرفض
في سوريا من خلال الترغيب والترهيب وتصفية العلماء المدركين لخطورة ما
يجري، وكل ذلك يتم برعاية رسمية من النظام الذي يزعم أنه
علماني!!
إن العلمانية في حاضنتها الأصلية في الغرب تيه وضلال، لأنها رد فعل
على خرافات الكنيسة وطغيانها ورعايتها للجهل وتحالفها الثابت مع
الاستبداد. وعلى أساس خطايا القسس عادى العلمانيون الغربيون كل دين
بصرف النظر عن التثبت من صحته!!
من هنا، ظل للعلمانية في منشئها فضل نهضة الغرب المدنية وإتاحة
الحريات الفكرية وتحقيق تقدم علمي وخدمة لأمتها بعامة، أما الببغاوات
في بلاد الإسلام فهم عملاء ونسخ شائهة ولم يجلبوا لنا سوى الهزائم في
كل مجال، وهو لا يعادون غير الإسلام!!فالطبعة المزورة شر من
الأصلية!!فكيف بعلمانية السدين الأشد غرابة من تجارب التغريبيين
الآخرين فرادى ومجتمعين!!
9/8/1431 هـ
- التصنيف: