وقفات مع من حلل الغناء
ناصر بن عبد الكريم العقل
«إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فمن اتقى الشبهات
فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام..» الحديث.
- التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات -
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي
له.
والصلاة والسلام على القائل: «
إن الحلال بين وإن الحرام
بين وبينهما أمور مشتبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه
ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام..
» الحديث.
وبعد:
الوقفة الأولى:
جمهور الأمة منذ عهد الصحابة إلى يومنا هذا على تحريم الغناء في
الجملة على تفاوت بينهم في تحديده, والحد الفاصل بين الحرام منه
والمكروه والمباح. كالأناشيد والحداء والقصائد المفيدة والمباحة,
وكذلك اختلفوا فيما يرخص فيه بالمناسبات كالأعياد والأعراس والحرب
ونحوها من الإنشاد وآلاته كالدفوف والطبول ونحوها، ووجود الخلاف لا
يبرر إباحة الغناء بل المرجع هو الدليل, وإذا اشتبه الدليل فالمرجع هو
قواعد الشرع, وأئمة الدين من الراسخين في العلم, فهل الذي أثار الفتنة
لا يعرف نفسه أنه طالب علم فضلاً عن أن يكون عالم؟
الوقفة الثانية:
إذا عملنا مقارنة بين من أباحوا الغناء وبين من حرموه أو كرهوه,
وجدنا أن الذين حرموه أو كرهوه هم الأكثر في العلماء الصالحين وأئمة
الدين, بل وقولهم الأصح من حيث الأدلة والدلالة والهدي والإتباع
للسنة، فصار تحريم الغناء هو هدي السلف الصالح ومنهجهم وهو سبيل
المؤمنين الذين توعد الله من خالفهم {
وَمَنْ يُشَاقِقِ
الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ
غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ
جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}
[النساء:115].
الوقفة الثالثة:
الذين رخصوا ببعض صور الغناء المحرم فهم وإن كان منهم من العلماء
(وهذا نادر والنادر لا حكم له) فيحمل ذلك على أنه زلة عالم حذر منها
الإسلام. ثم إن ذلك انحياز إلى أهل النفاق والفسق والمجون والمعروفين
برقة الدين. كبعض الأدباء والشعراء أو أعداء التوحيد والأنبياء من
الفلاسفة والمشركين والكفار الذين يتعبدون بالغناء ومن سلك سبيلهم من
الرافضة والصوفية وأهل البدع والأهواء.
الوقفة الرابعة:
عندما نتأمل مقدمات هذا المبيح للغناء المحرم وأدلته واستدلالاته نجد
أنه سلك منهج أهل الأهواء والبدع في انتقاء الأدلة وطريقة الاستدلال
بها والمقدمات التي استخدمها لاستهواء القارئ, ولذلك نجد أننا عندما
نستخدم منهج السلف الصالح في التزام المنهج الشرعي في تعيين الدليل
ومنهج الاستدلال, فسينقلب على هذا المخالف دليله واستدلاله.
الوقفة الخامسة:
من علامات الخذلان -نسأل الله السلامة- لمبيح الغناء المحرم وصفه
للسلف الصالح وعلماء الأمة أئمة الهدى قديماً وحديثاً, ولمخالفيه من
طلاب العلم, بالصفات التي هو وأمثاله أولى بها مثل: التفرعن, والحيدة,
والتركيز على شخصية حامل الدليل, الإصابة بجرثومة التحريم, اتهام
الأمة كلها بالهوى وأنهم صحف سطرت, إنا وجدنا آباءنا على أمة, حاملة
شعار أبي لهب! فإذا كانت هذه الأوصاف واقعة فمن الأولى بها؟! خيار
الأمة أم من دونهم؟! والله حسبنا ونعم الوكيل.
وأخيراً فإن تحليل الغناء والمعازف من فتن آخر الزمان كما صح عن
النبي صلى الله عليه وسلم: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر و الحرير و
الخمر و المعازف، و لينزلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم،
يأتيهم لحاجة، فيقولون: ارجع إلينا غدا، فيبيتهم الله، ويضع العلم،
ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة
». (رواه البخاري تعليقا برقم 5590، ووصله الطبراني
والبيهقي، وراجع السلسلة الصحيحة للألباني 91).
هذا ونسأل الله أن يهدي الجميع إلى سبيل الرشاد. وصلى الله وسلم على
نبينا محمد وآله وصحبة.
كتبه:
ناصر بن عبدالكريم العقل
12-7-1431هـ