إدمان البُعد عن السعادة
فتكون النتيجة بعد دقائق من البدء: التوقف عن القراءة وطي السجادة والعودة للانكباب على الجهاز هربا من النفس اللوامة، وطاعة للنفس الأمارة.. فنبتعد أكثر وأكثر.. في دوامة يومية يزداد قُطرها ضيقًا على أعناقنا تدريجيًا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..
إخوة الإسلام دين السعادة:
ألا تشاهدون معي أن إدمان الأجهزة الالكترونية ببرامجها -فيس واتس تليجرام أسك تويتر...إلخ- على المدى الطويل يوجِدُ داخلنا حالة من الغربة بيننا وبين سجادتنا و مصحفنا؟..
كم من مرات ونحن بعيدون عن أجهزتنا "اضطرارا" –بين هلالين!- لممارسة مهام البيت أو مسئوليات الوظيفة، تتملكنا حالة من التوتر والتعجل وانشغال الذهن وعدم صفائه، بسبب إلحاحٍ نفسيٍّ داخليٍّ لا شعوريٍّ –أو شعوريّ!- يدفع الإنسان دفعًا لانهاء ما في يده سريعًا حتى يتمكن من الرجوع مباشرةً إلى جهازه مجددًا، "فتهدأ" نفسُه و"يسكن" توترُه، أو كما يُهيأُ إليه..!
وإن كان هذا الشخص من أولئك الذين يسعَون بشق الأنفس للاغتراف من القرآن والنوافل بجانب تلك الأوقات الهائلة المهدرة على الأجهزة، فوفَّقهُ الله في ساعةٍ من نهارٍ إلى السكون أخيرًا إلى تلك الطاعات، فستجده خلالها مشتت الفكر مشدود الخاطر مشحون الذهن، يريد نقر الركعات نقرًا، و يبغي طيَّ الصفحات طيًا، للِّحاق بموعده مع جهازه من جديد ليروي ظمأ "نفسه" الأمارةِ باللهو، المُلهيةِ عن الآخرة.. فيعود ليغوص مع جهازه حتى مطلع الفجر ربما، في عالمه الإكتروني أكثر وأكثر داخل "سعادة وهمية" -تشبه "السبرتو" والكحول الذي سرعان ما يتبخر في الهواء بلا أثر- هاجرًا خلفَه طريق السعادة الحقيقية!.. فتراه في اليوم التالي حين يقف من جديد على سجادته أو يحمل مصحفه، يشعر بإرهاق شديد وغربة أكثر وأكثر، ويبذل مجهودًا خارقًا لجذب قلبه حتى يحضُر وينتبه ويخشع.. ولكن هيهات.. فتكون النتيجة بعد دقائق من البدء: التوقف عن القراءة وطي السجادة والعودة للانكباب على الجهاز هربا من النفس اللوامة، وطاعة للنفس الأمارة.. فنبتعد أكثر وأكثر.. في دوامة يومية يزداد قُطرها ضيقًا على أعناقنا تدريجيًا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..
إخوة دين السكينة والطمأنينة.. وقفة مع النفس ومواجهة:
لو أننا نشعر بمثل هذا التوتر حقيقة ونحن بعيدون عن القرآن والصلاة لا ونحن بعيدون عن أجهزتنا الاكترونية، لكُنَّا أدمنَّا القرآن والصلاة حقًا، ولغُصنا أكثر في السعادة والله، حتى يطغى طعمهاعلى كل مرار في حياتنا..
إخوتي.. العقلاء من الناس قد قالوا: "يابن آدم إنما أنت أيام.. فإذا ذهب يومك ذهب بعضك.."وأصحاب أرق قلوبٍ عرفناها في البشرية كان يقول أحدهم وهو ممسكٌ للقرآن بين يديه ومحتضنٌ إياه وهو يسكب دموع الفرح: "كلام ربي!! كلام ربي!!"...
بوابات السعادة إذن من حولنا على الرفوف في كل زاويةٍ من حولنا لمن يبحث عن إدمان السعادة..
بل وأيضا على جهازنا الملازم لنا جدًا هذا، قد وضعنا أيقونة للمصحف.!
ورغم ذلك نظل نبحث عن السعادة في أماكن أخرى، وندمن البعُدَ عنها.. وهي بين أيدينا يا أولي الألباب..
ونظل نسأل أين السعادة؟.. أين السعادة؟
بل أين مصحفك....؟
وقد يسأل الناس بعد هذا المقال سؤالا منطقيا: وكيف نوقف إدمان تلك الأجهزة؟
والإجابة في نقاط محددة، في مقال "وما علاج ذاك الإدمان؟"
- التصنيف: