صيود الأوراد (16): المتلاعنان...لعنة وغصب!

منذ 2016-07-30

جريًا على قاعدة: الجزاء من جنس العمل، فإن كلاًّ من الزوجين عوقب بجنس ما عاقب به غيره، وحلَّ به ما أحــلَّ هو بغيره.

ما تفسير التفريق بين الرجل والمرأة  في الجزاء بين الغضب واللعن في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ}[النور: 6-10].
فكان اللعن من نصيبـهــــم، والغضب من نصيبــــهـــــن
ففيما يخص اللعن والغضب نعوذ بالله منهما، وجريًا على قاعدة: الجزاء من جنس العمل، فإن كلاًّ من الزوجين عوقب بجنس ما عاقب به غيره، وحلَّ به ما أحــلَّ هو بغيره.

فسبب اللعن على الزوج أنه تسبب لزوجته في لعن الناس لها وتحقيرها وإبعادها والابتعاد عنها في القرب وطلب النكاح، لأنها أصبحت مشينة بما أذاع عنها زوجها ورماها به، وغالبا ما يُصَدِّق الناس هذا، حيث لا يقدم على مثل هذا الفعل إلا صادق في دعواه، إلا أن يكون مخبولا (مهبولا). حيث يبعد أن يُلَطِّخ رجلٌ عِرضه بين الناس..

فهو يُلعَن من الله تعالى بما سبَّب لها من لعن الناس!! ولكن أين لعنٌ من لعنٍ، وأين إبعادٌ من إبعاد ٍ وتحقير. أي: ما أبعد لعن الله للعبد من لعن العباد له، وما أعظم الفرق بينهما، نسأل الله تعالى العافية.

وهي يحل عليها غضب الله، لأنها أغضبت زوجَها وعشيرتَها وكلَّ من يشينُ سمعتَه ما لطَّخته به- إن صدق الزوج-، فكان جزاء ذلك الإغضاب غضب الله تعالى-، ولكن أين غضب من غضب؟!

ولقد وجدت ما يؤدي هذا المعنى في تفسير العلامة الطاهر بن عاشور، حيث يقول:( والقول في صيغة الخامسة مثل القول في صيغ الأيمان الأربع. وعين له في الدعاء خصوص اللعنة لأنه وإن كان كاذبا فقد عرَّض بامرأته للعنة الناس ونبذ الأزواج إياها فناسب أن يكون جزاؤه اللعنة. واللعنة واللعن: الإبعاد بتحقير....

- والقول في صيغة أيمان المرأة كالقول في صيغة أيمان الزوج سواء. وعيَّن لها في الخامسة الدعاء بغضب الله عليها إن صدق زوجها لأنها أغضبت زوجها بفعلها فناسب أن يكون جزاؤها على ذلك غضب ربها عليها كما أغضبت بعلها.) التحرير والتنوير.

والله أعلم

أبو محمد بن عبد الله

باحث وكاتب شرعي ماجستير في الدراسات الإسلامية من كلية الإمام الأوزاعي/ بيروت يحضر الدكتوراه بها كذلك. أستاذ مدرس، ويتابع قضايا الأمة، ويعمل على تنوير المسيرة وتصحيح المفاهيم، على منهج وسطي غير متطرف ولا متميع.

  • 1
  • 0
  • 6,472

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً