يوتوبيا مصر
محمد علي يوسف
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
يوم أن قرأت رواية يوتوبيا للدكتور أحمد خالد توفيق اعترى قلبي شعور قاتم ينازعه صوت خافت أن هذه صورة أدبية مبالغ فيها والدكتور أحمد زودها حبتين
يعني إيه يصل التمايز الاجتماعي والاقتصادي بين المصريين إلى درجة الفصل الكامل بين طبقة تعيش خلف أسوار الساحل الشمالي تتلذذ بكل أنواع النعيم الدنيوي وطبقة أخرى تحيا -مجازا- حياة أدنى من حياة الكلاب الضالة التي تسعى على رزقها بين المزابل وأكوام القمامة حتى يصل بها البؤس أن تصير فريسة يتسلى بها المتململون العابثون من أبناء الطبقة الأولى المنعزلة فتكون رياضتهم التسلي باصطياد أبناء الطبقة المسحوقة كما يصطادون الطيور في نوادي الصيد الفاخرة!
إزاي الكلام ده؟!
مبالغة أدبية هي ولا شك
هكذا انتصر صوت التفاؤل الخافت في صدري وبدد المشاعر القاتمة التي أورثتها الرواية إلى حين
لكن كل يوم يمر وكل واقعة تحدث يجعل تلك المشاعر تحاول الانتفاض من جديد وتشرئب بعنقها لتبدو ابتسامة ساخرة مريرة تقول بوضوح قاسٍ: أكان يبالغ حقا؟!
نموذج ذلك الطفل المهاجر بروشتات علاج أخيه والذي امتطى سفن الموت التي تعبر المتوسط آملة في بلوغ إيطاليا ليحاول الطفل ذي الثلاثة عشر عاما أن يجد ما يساهم به في دفع نفقات علاج لا تبلغ قيمتها قيمة إيجار أسبوع بقرية مراسي بالساحل الشمالي..
الساحل الشمالي!!
مرة أخرى ترتسم الابتسامة الساخرة على وجه المشاعر الكابوسية القاتمة متسائلة من جديد:
أكان يبالغ حقا؟!
طبعا طبعا
أكيد كان يبالغ..
أكيد طبعا كان يبالغ
كله تمام
وكله هيبقى زي الفل