هجر تلاوة القرآن
في الحديث الصحيح: «اقْرَؤوا القرآنَ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه. اقرَؤوا الزَّهرَاوَين : البقرةَ وسورةَ آلِ عمرانَ فإنهما تأتِيان يومَ القيامةِ كأنهما غَمامتانِ، أو كأنهما غَيايتانِ، أو كأنهما فِرْقانِ من طيرٍ صوافَّ تُحاجّان عن أصحابهما» (صحيح مسلم [804]).
في الحديث الصحيح: «صحيح مسلم [804]).
» (يأتي الثواب مجسَّدا يوم القيامة على شكل « » أي سحابتين توفِّران ظلا لقارئ السورتين في يوم الحر الشديد؛ حين يغرق الناس في عرقهم فيه.
و«
« »: سِربان اثنان من طير، و« » يعني كأنها طيور تبسط أجنحتها.
و« » هنا للتنويع ..
فما المراد من التنويع؟!
قالوا:
السحابتان: للذي يقرأ البقرة وآل عمران دون تدبر معانيهما..
والغيايتان: للذي يجمع بين القراءة والتدبر.
والسربان من الطيور: للذي جمع بين القراءة والتدبر، ثم علَّم غيره، ولم يكتفِ بنفسه.
ولاحظ قوله: « »
يعني يدافعان عَنهُ أمام ألسنة النار، ويحميانه من ملائكة العذاب، ولا يُسلِمانه ولا يخذلانه.
لكن يحاجان عن من؟!
عن صاحبهما، فمن صاحبهما؟
صاحبهما هو الذي يقرؤهما كثيرا، فعلاقته بهما علاقة (صحبة) لا علاقة عابرة.
قال الشوكاني: "وصاحبهما هو المستكثر من قراءتهما".
فهو يختم ختمة من بعد ختمة، وعلاقته بالقرآن ليست موسمية، ولا رمضانية، فلا يتصل بالقرآن أوقاتا محدودة في العام ثم يهجره! لكنه يختم الختمة بسورة الناس ليبدأ ختمة جديدة بالفاتحة.. حالٌّ مرتحِل.
تأتي سورتا البقرة وآل عمران تشفعان لصاحبهما يوم أن تخلى عنه الأهل والأصحاب وأقرب الأحباب، تقولان: "يا رب! عبدك هذا.. كان يقرأ بي في الصلوات، ويترنم بي في الخلوات".
القرآن يشفع له، وهو خير شافع، ولذا فشفاعته مقبولة..
وظاهر الحديث أن السورتين تتجسمان، فيكونان واحدا من الأشكال الثلاثة، وأن الله يعطيهما القدرة على النطق والكلام، وما ذلك على الله بعيد.
واسمع باقي الحديث الذي يقُصُّ عليك بقية المشهد، واستمتع واستبشِر: « » (السلسلة الصحيحة [2829]).
يا من خاصم القرآن بفعاله..
كيف ترجو من خصْمِك الشفاعة غدا؟!
ألا ويْلٌ لمن شفعاؤه خُصماؤه!
- التصنيف: