الإساءة للإسلام، الجريمة المباحة غربيًا
أن ترمي قمامة في غير مكانها المخصص قد يعرضك لمخالفة وعقوبة في بعض قوانين دول القارة العجوز، أما الإساءة لدين الله الإسلام فلا يعرضك ذلك إلى أي مساءلة أوعقوبة قانونية..
أن ترمي قمامة في غير مكانها المخصص قد يعرضك لمخالفة وعقوبة في بعض قوانين دول القارة العجوز، أما الإساءة لدين الله الإسلام والقدح بأصوله وثوابته والسخرية من رموزه وعلى رأسهم خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم .. فلا يعرضك ذلك إلى أي مساءلة أوعقوبة قانونية، بل ربما كانت تلك الإساءة سببًا لاهتمام دوائر صنع القرار بالغرب بذلك المسيء، ناهيك عن المسارعة لتبرير إساءته والدفاع عنه باستماتة بذريعة حماية حرية التعبير!
ليس هذا الفعل المشين هو ديدن الغرب مع المسيئين لدين الله الخاتم على أراضيه وضمن حدوده، بل هو سلوك يشمل جميع المسيئين للإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، حتى وصل الأمر إلى حد تدخل حكومات بعض تلك الدول لدى بعض الحكومات العربية والإسلامية لمنع إنزال العقوبة القانونية بأحد المسيئين لدين الله!
لم تتوقف حدود نشر الكراهية ضد الإسلام وأتباعه في دول القارة العجوز عند حد عدم اعتبارها جريمة تستدعي سن القوانين اللازمة لوقف المحرضين عليه وعلى أتباعه عند حدهم، بل وصلت إلى درجة ملاحقة ومعاقبة كل من يستنكر عليهم ارتكابهم تلك الجريمة، فضلاً عن وصم كل من يحاول مسهم بسوء "بالإرهاب"!
ولعل النموذج الأسوأ لفوبيا نشر الغرب الكراهية ضد دين الله الإسلام هو: مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، التي ما فتأت تنشر الرسوم المسيئة للنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، وتحاول بشتى الوسائل والطرق تشويه صورة الإسلام في نظر القارئ الغربي والعالمي عمومًا .
فقد نشرت المجلة الثلاثاء الماضي على صفحتها في "فيسبوك"، الصفحة الرئيسة للأسبوعية في عدد العاشر من آب/ أغسطس الجاري، رسما كاريكاتوري مسيئا للمسلمين، حيث يظهر في الرسم رجلا ملتحيًا وامرأة منقبة يركضان عاريين على الشاطئ مع عبارة : "أيها المسلمون.. حرروا أنفسكم".
وإمعاناً في وقاحة المجلة وسفاهتها لم تكتف بارتكاب جريمة الإساءة لدين الله فحسب، بل زادت على ذلك بتقديم شكوى للقضاء الفرنسي الخميس الماضي بعد زعمها تلقيها "تهديدات" على صفحتها في موقع "فيسبوك" حسب ما أفاد "أريك بورتو" المساهم في المجلة مع الرسام ريس .
وزعم "بورتو" أن "التهديدات بدأت منتصف تموز/ يوليو الماضي، لكن تهديدات أخرى سجلت خصوصا الثلاثاء قائلاً: "لا يمكن أن نتجاهل تهديدات وشتائم وتصريحات عنصرية... هذا مستحيل، خصوصًا تهديدات بالقتل في العاشر من آب/ أغسطس، قالوا لنا : إنه سيقع اعتداء بعد عشرين يومًا" حسب زعمه .
من جهته استجاب القضاء الفرنسي لهذه الشكوى مباشرة، وفتحت نيابة باريس تحقيقا أوليا بشأن "تهديدات بالقتل ترجمت في شكل مكتوب" ضد مجلة شارلي إيبدو، لافتًا إلى أن التحقيقات تشمل عشرات من الرسائل خلال تموز/ يوليوالماضي، وآب/ أغسطس الجاري .
ليس مواطنو القارة العجوز وحدهم من يباح لهم جريمة الإساءة لدين الله الإسلام دون عقاب أو حساب، بل يتسع الأمر في هذا المقام إلى أتباع الفكر الغربي من أبناء الدول العربية والإسلامية، بل ربما يكون ابتهاج الغرب ودفاعه عن المسيئين للإسلام من بني جلدتنا – العرب المسلمين – أشد وأقوى .
ولا يستبعد أن نقرأ في قابل الأيام عن خبر دفاع الغرب عن الكاتب الأردني المؤيد لطاغية الشام "ناهض حتر" بعد نشره رسماً مسيئاً للذات الإلهية على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وذلك من خلال مشاركته رابط للمنشور المسيء، والذي أثار غضب الرأي العام الأردني، خصوصا إذا وصل الأمر إلى حد محاكمته كما طالب الكثير من الأردنيين على مواقع التواصل الاجتماعي .
قد لا يضطر الغرب إلى الدفاع عن أمثال "حتر" ما دام الأمر لم يتجاوز حدود الاستدعاء أو التحقق من الحادثة كما فعلت الحكومة الأردنية يوم الجمعة، حيث استدعى محافظ العاصمة عمان خالد أبوزيد الكاتب "ناهض حتر" على خلفية كاريكاتير نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمس الذات الإلهية.. حسبما أفادت وكالة أنباء (عمون) الإخبارية المستقلة بعد إيعاز من رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقى إلى وزير الداخلية سلامة حماد بالتحقق بما نسب إلى الكاتب .
أما إن تحولت القضية إلى المحاكمة والمساءلة ومن ثم إنزال العقوبة كما حدث أكثر من مرة في بعض الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها المملكة السعودية، فإن الغرب حينها يتحرك محاولا منع المحاكمة أو إنزال العقوبة، أو على الأقل التخفيف منها .
وفي مقابل هذه الهجمة الغربية الشرسة ضد دين الله الإسلام، والتي تحولت في الآونة الأخيرة إلى حرب معلنة دون أي غطاء أو ستار.. ما يزال المسلمون يواجهون ذلك بفضح أعوانهم وأزلامهم على مواقع التواصل الاجتماعي .
فقد هاجم المغردون على "تويتر" الكاتب الأردني "حتر" مستخدمين عدة وسوم تصدرت قائمة الأكثر تداولاً في الأردن، وكان أبرزها : #نعم_لمحاكمة_ناهض_حتر، و#ناهض_حتر_لا_يمثلنا.
وتراوحت تعليقات المغردين على "تويتر" بين تجاوز "حتر" للخطوط الحمراء، سخريتهم من مقارنة شدة عقوبة من يستهزأ بالرؤساء والملوك في مقابل التهاون مع من يستهزأ بمالك الملك سبحانه، ومطالبتهم سلطات البلاد بإنزال أقسى العقوبات بأمثال هؤلاء المستهزئين .
وذكر العديد من المغردين باعتقال السلطات الأردنية للداعية "أمجد قورشة" بعد انتقاده مشاركة بلاده في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، متسائلين عن كيفية تعامل تلك السلطات مع "حتر" الذي يستهزأ بالذات الإلهية؟!!
لن تستطيع الدول السنية مواجهة هذا الطابور من المستهزئين والساخرين من دين الله -سواء كانوا غربيين أوعربًا مسلمين– إلا بعدة عوامل أبرزها: امتلاك القوة التي تمكنها من إنزال العقوبة بمن يستهزأ أو يتطاول على هويتها الإسلامية، وذلك بعد سن القوانين الرادعة لأمثال هؤلاء، والاستمرار في دحض شبهات الحاقدين وبيان الصحيح من دين الله بجميع الوسائل الممكنة .
د. زياد الشامي
- التصنيف:
- المصدر: