اللعب بالنار
لقد أرتكب الذين يديرون الأمور فى بلادنا أخطاء فادحة ومن أفدحها وأخطرها وأبلغها تأثيراً وأعظمها ضرراً خطئان فادحان وكارثيان قدما بهما وعلى طبق من ذهب خدمة العمر للمتطرفين - من وجهة نظرهم - !!
الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد ألا إله
إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله، أما بعد:
لقد أرتكب الذين يديرون الأمور في بلادنا أخطاء فادحة، ومن أفدحها
وأخطرها وأبلغها تأثيراً وأعظمها ضرراً خطئان فادحان وكارثيان قدما
بهما وعلى طبق من ذهب خدمة العمر للمتطرفين -من وجهة نظرهم- وأظهرا
الدولة على أنها لا هم لها إلا محاربة الإسلام:
الخطأ الأول هو إحراق ورقة المؤسسة الدينية الرسمية حتى سقطت من
حسابات الناس، نعم، كان من الممكن أن تكون المؤسسة الدينية الرسمية في
مصر هي خط الدفاع الأول ضد كل فكر منحرف، كان ذلك ممكناً لو ظل لها
وزن عند الناس ولكن الأثرة والرغبة في أي حل لأي مشكلة والتسرع وسطحية
المعالجة وأحادية النظرة كل هذا جعل الدولة تضحى بهذه المؤسسة حتى لم
يعد لها وزن عند الناس!!
استخدمت المؤسسة الدينية في مصر أسوأ استخدام، وأرسلت الدولة على لسان
هذه المؤسسة رسائل بالغة الشذوذ خالفت في أحيان كثيرة معلوماً
بالضرورة فجاءت صادمة حتى لبسطاء الناس.
فماذا كانت النتيجة ؟ فقد الناس ثقتهم فى هذه المؤسسة، وأعطوها
ظهورهم، وجعلوا أصابعهم من فتاواها في آذانهم، واستغشوا من كلامها
ثيابهم، وأخيراً لم تعد الدولة قادرة على إيصال أي رسالة من خلال هذه
المؤسسة بعدما بارت سلعتها وتحول عنها الناس إلى مؤسسة الظل حيث السمت
والدل والفصاحة والقوة والحجة والحضور وأمارات الصدق والفهم والرشاد
حتى صار الدعاة الجدد هم المرجعية الموثوقة عند الناس.
الخطأ الثاني وهو يشبه الخطأ الأول من حيث إنهما نتيجتان لمنهج واحد
في معالجة المشاكل لكنه أفدح وأخطر، ألا وهو ترك التنصير و رموزه
يعيثون في مصر فساداً ويتجاوزون كل الخطوط الحمراء.
أحاول أن أصل لتفسيرات منطقية لذلك فأضع نفسي في موضع من يديرون
بلادنا. أقول ربما كانت هناك ضغوط هائلة؟ فأعود وأقول لنفسي ولماذا
تمت الاستجابة لهذه الضغوط؟ حفاظاً على الكرسي أو المنصب وإبقاء للوضع
على ما هو عليه؟ ولكن هذا مستحيل لأنهم لن يقفوا عند حد ولن يكتفوا
بتنازل ولن يرضوا عنا حتى نتبع ملتهم.
إن كل التفسيرات التي يمكن أن نسوغ بها إطلاق أيدي هؤلاء وعدم الأخذ
عليها بقوة وكل المخاوف ستقع في النهاية بل وأكثر والمسألة فقط مسألة
وقت إن التأجيل ليس هو الحل بل المواجهة الحكيمة والمصارحة
التامة.
يا ولاة الأمر والله أنا ناصح أمين والله لا أحمل لكم غلاً ولا أضمر
لكم شراً ولو كان لي دعوة مستجابة لجعلتها لولاة الأمر أن يوفقوا لما
فيه خير العباد وصلاح البلاد، إنكم تستجيرون من الرمضاء بالنار
وتهربون من مشكلة ولكنكم تحولونها إلى باقعة لن تبقى ولا تذر، إنكم
تقدمون (للمتطرفين) خدمة العمر ليقنعوا الناس بأنكم تحاربون دين الله
وأنكم تصدون عن سبيله، تفعلون ذلكم بإطلاق أيدي المنصرين حتى بلغ
الأمر إشهار أول جمعية تنصيرية وإصدار الكنيسة لأول وثيقة تنصير وصل
الأمر إلى أن من يُسلم ُيسَّلم للكنيسة حيث يذهب ولا يعود ومن يتنصر
يمش واثق الخطوة ملكاً.
صاروا دولة داخل الدولة وصار كبيرهم حاكماً بأمره لا يراجعه أحد
وصاروا يتكلمون بمنتهى التبجح في كل شيء حتى وصل الأمر إلى المطالبة
بحذف هوية الدولة.
فقولوا لي بالله عليكم لو عُرض هذا على أي شاب قليل العلم وهو حال
ملايين الشباب وقيل له هذه هي الدولة تحارب دين الله وتُسَّلم من يدخل
في دين الله وتحمى من يرتد عن الإسلام ثم قيل لهذا الشاب بعد ذلك أفعل
أي شيء فماذا بالله عليكم تراه فاعلاً؟؟
إن الإخلال بمعادلة توازن القوى بين المسلمين والنصارى وهى المعادلة
التي وفرت غطاءاً مثالياً عاش تحته المسلمون والنصارى أكثر من ألف عام
أقول إن الإخلال بهذه المعادلة سيدمر كل شيء.
إن الوضع لا يحتمل تجربة معادلة أخرى لأن ثمن التجربة قد يكون أنهاراً
من الدماء ويستحيل بعدها أن نعترف بالخطأ ونقول دعونا نعود للمعادلة
الأصلية.
إن تطاول رموز نصرانية وتبجحهم واستقواءهم بالداخل والخارج وعلو صوتهم
وإشهار أول جمعية للمتنصرين في الوقت الذي يُسَّلم فيه من يُسلِم إلى
الكنيسة، كل هذا ينذر بكارثة لن تجعل للمناصب ولا للكراسي قيمة ولن
تُبقى الوضع على ما هو عليه.
أما نصارى مصر فأقول لهم عشنا معاً أكثر من ألف عام في سلام ووئام،
حدثت مناوشات نعم حدثت مناوشات حدثت تجاوزات نعم حدثت تجاوزات، وقع
ظلم نعم وقع ظلم.
لكن حدث بين المسلمين وبعضهم فوق ذلك ألوف المرات وحدث بينكم وبين
بعضكم فوق ذلك ألوف المرات.
إن أي بيت في الدنيا لا يمكن أن يستمر مستقراً وناجحاً إلا إذا كان
هناك طرف أقوى من طرف ولو صار الطرفان قويين فهذا خراب للبيت.
إن أساس الديمقراطية يقوم على أن الأغلبية لها حق الحكم والقيادة وعلى
أن اختيار الأغلبية هو الذي ينبغي أن يمضي وأن على الأقلية أن تحترم
هذا الرأي وأن تنصاع لحكمه أليس كذلك؟
ومن الطبيعي جداً والمفهوم أن الأغلبية ستتمتع إلى حد ما بميزات
نسبية، هذا يحدث في السياسة والكرة وفى كل مجال من مجالات الحياة ومع
ذلك فلو ارتفعت أصوات الحكماء وسكت الدهماء فالمسلمون على استعداد
لرفع أي مظلمة لأن هذا هو الإسلام.
ليس عاراً عليكم أن تكون الكلمة للمسلمين في هذا البلاد هذا حكم الله،
وإلا فعلى الأقل هذا مقتضى الديمقراطية التي يصرخ بها أهل السياسة
وليس عيباً في حقكم ولا انتقاصا أن تكون الكلمة لنا. المسلمات في
فرنسا يجبرن على خلع الحجاب احتراما لعلمانية الأغلبية أليس
كذلك؟
إن ما يفعله البعض منكم الآن هو لعب بالنيران، بل هو إيقاظ لبركان ولا
يخفى عليكم أن المتضرر الأول هو أنتم وأن الواقعة لو وقعت فإن
الحسابات اليسيرة تشير إلى نتائج الصدام.. أقول إن أية خطوة ينبغي أن
تخضع لحسابات بالغة الدقة والتعقيد لأن هذا الباب لو كسر فليس خلفه
إلا الجحيم والدمار والخراب.
إن كنتم تعتمدون على الخارج فهذه أغبى فكرة في التاريخ لأن الخارج جرب
المسلمين في الصومال فخرج مسحولاً، وجرب المسلمين في أفغانستان ويكاد
كل يوم أن يقول أخرجوني وجرب المسلمين في العراق وأخيراً أنسحب إلى
قواعده خلف الجدران.
إياكم أن تنخدعوا بكذابين الزفة من العلمانيين والسفهاء الذين يسبحون
بحمد المواطنة ويقدسون الحرية الجوفاء إياكم أن تفرحوا بقولهم عن
الإخوة الأقباط والشركاء وعن المادة الثانية هؤلاء حمقى مجانين بلهاء
سيرحلون على أول طائرة إذا وقعت الواقعة، نحن الطرف الذي ينبغي عليكم
أن تعولوا عليه وتسمعوا له وتحاوروه ومعظم الأوراق بيدنا والعدو
العاقل خير من الصديق الأحمق ونحن لا نغدر ولا نظلم ولا ننقض
العهود.
يا عقلاء النصارى لا تلعبوا بالنار ولا تفتحوا على مصر أبواب الجحيم
ولا تشعلوا فتنة أنتم أول من سيكتوي بنارها كفى استفزازا للمشاعر كفى
إثارة للفتن وتدخلا فيما لا يعنيكم.
لا تركبوا موجة ستعود إلى البحر يوماً ولكن بعد أن تكون قد ألقت
بالمتهورين فاندقت أعناقهم وحطموا قصوراً بنوها من الرمال راح تحتها
ألوف الأبرياء.
خالد الشافعي
[email protected]
- التصنيف:
nada
منذnada
منذ