علاقةٌ مرفوضةٌ وخطأ بين الإسلام والسياسة2
مدحت القصراوي
هي علاقاتٌ مرفوضةٌ بكل أشكالها من يمينها إلى يسارها
- التصنيفات: السياسة الشرعية - الواقع المعاصر -
(2، 3) الثيوقراطية، والعلمانية
ثانيا: الحكم باسم الحق الإلهي المقدس (الثيوقراطية)، وهذا حدثٌ غربيٌ وقضيةٌ أوروبية ناءت بحملها الكنيسة الغربية والظروف السياسية في التاريخ الأوروبي، ولم يحدث في التاريخ الإسلامي، إلا ما حكى البعض عن أمرٍ نادرٍ قام به الحاكم بأمر الله، الخليفة الفاطمي الشيعي في سياقٍ منحرفٍ عن الإسلام أنكره عليه أهل الملة.
ثالثا: رفض الدين، وهي العلاقة التي تفرضها النخبة العلمانية المتغربة مستعينة بقوة السلاح الغربي وقوة العسكر العلماني، والضغط الإعلامي المشوِّه والمشوَّه.
وتتمثل في رفض حاكمية الشـريعة، ورفض وجود الدين كهوية وأحكام ومؤسسات وقيم، والسعي لمحو أثره في المجتمع، ومحاولة إقامة المجتمعات على أسس قُطريةٍ أو عرقيةٍ أو قوميةٍ ملغيةً لدور الإسلام وساعيةً وراء التغريب ومتناسية دينها وتاريخها، مقيمةً عداءاً بين الوطن والدين، وتَعُد الانتماء للدين خيانة للوطن!
وهي نخبةٌ لاهثةٌ خلف سرابٍ من التقليد الأعمى، ومتجاهلةً للدور التاريخي للدين عند المسلمين وأنه هو عنوان وجودنا وسبب تقدمنا إبّان عصور ريادتنا، ومتجاهلةً لدور الدين عند الغرب إذ كان محرَّفا فتسبب في تخلفهم ولم يتقدموا إلا بالخروج عنه، ومتجاهلةً أيضا للعداء العقدي والديني عند الغرب تجاه المسلمين، وأنه لن يدع المسلمين يتقدمون أو يمتلكون قوةً؛ بل لن يرضى لهم إلا دور التابع الذليل، وأنه لن يكف عن محو أثر الدين فيهم؛ إعلاماً وتعليماً، بل وتوجيهاً دينياً محرَّفاً بتغيير الخطاب الديني إلى إنتاجٍ غربيٍ لنسخة من الإسلام يرضى عنها!
وما دور النخبة العلمانية إلا أنها روحٌ صليبيةٌ بلباس من جلدتنا لا تقصد إلا تنفيذ وتنفيث سموم كارهي هذه الأمة والحاقدين عليها وعلى منهاجها وهويتها والراغبين في إبقائها خارج التاريخ.
وهي علاقاتٌ مرفوضةٌ بكل أشكالها من يمينها الى يسارها، من الثيوقراطية الى العلمانية، ولا تظن أنهما متناقضتان؛ إذ إن كليهما هو عدم قيام بالدين والشريعة؛ فالثيوقراطية قيام بالأهواء مع عنوانٍ دينيٍ مزيف، والعلمانية قيام بالأهواء مع عنوانٍ صريح.
ولا ننسى أن العلمانية مع رفضها للدين فهي تستخدمه كلما لزم الأمر في تبرير جرائمها، والتي هي عادةً قتل واجتثاث المسلمين، وهنا يوردون الأدلة وكأنهم يخافون على الإسلام وأهله؛ فيذبحون من تبقى منهم متمسكاً بأمر ربه!
ألا ليتمّنّ الله أمره، وليحفظن تعالى دينه، وليغرسن تعالى لهذا الدين غرساً يستعملهم فيه بطاعته، وألا ليظهرن نور الله ولو كره الكارهون، وصلى الله وسلم وبارك على أكرم الخلق محمد وعلى آله وصحبه وسلم.