الركن المتين
سهام علي
العلاقة مع الناس وهي أساسًا ترتكز هي الآخرى على العلاقة بالله بمعنى أن ضوابطها كلها محددة من قِبَل الخالق الذى حدد لنا كل صيغ تعاملاتنا مع بعضنا البعض؛ ولم يغفل منهجه علاقة واحدة أيًا كانت درجتها؛ بل وصل الأمر لأبعد من ذلك فحدد لنا قواعد تعاملاتنا مع كل المخلوقات حتى أنه ادخل امرأة النار فى قطة؛ فما بالنا فى علاقتنا بالبشر التى تتجاوز مأكل ومشرب وحياة وموت ...
- التصنيفات: الدعوة إلى الله -
من الوسائل التى أراها مسلية بديلًا عن مشاهدة الأفلام والمسلسلات؛ هي الدخول على أقسام الاستشارات بالمواقع الإسلامية، ففيها إشباع لحب استماع القصص الذي هو من الأشياء الغريزية فى النفس وفيها المنفعة واكتساب الخبرات الاجتماعية وغيرها. وفى حوار مع أخت عزيزة ذكرت أن الحلول التى تقدم للمشكلات غالبا ما تكون مسكنات و ليست علاجا جذريا؛ لأنها كلها لا تركز على لب المشكلة وإنما على حث صاحب المشكلة على تحسين علاقته بالله والمحافظة على العبادات والأذكار؛ فكان رأيي أن هذا هو الأساس فعلًا في حل جميع المشكلات باختلاف أنواعها، فالمشكلات كلها لا تخرج عن حالات تستوجب الصبر ما بين صبر على الابتلاءات القدرية سواء في الصحة أو الرزق أو غيرها، أو الابتلاءات بسلوكيات الآخرين، فالصبر هو العلاج الأول لكل المشكلات وقيل فى الصبر الكثير والكثير حتى قيل أنه نصف الإيمان، ولا توجد وسيلة للتصبر خير من اللجوء إلى الله فهو الذى يمنح القدرة على الصبر ويمنح القوة على مواجهة الآلام وزرع الأمل الذى هو بدوره يمد بالقوة
فما هو اللجوء إلى الله؟
اللجوء إلى الله هو فى قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}
فالعبادة هى طاعة الله والتذلل إليه بمحبة والتزام أوامره التى يجد ثمارها مباشرة؛ فعبادة الله من خلال إقامة شعائره تمنح النفس سكينة و طمأنينة لا يعرفها إلا مجرب.
قال تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّـهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد: 28]
فهو يسلم نفسه لمن يملك القدرة والقوة على تخليصه مما يكره وجلب ما يحب خاصة أنه متصف بالرحمة والمحبة لعباده وهنا ننتقل إلى {إياك نستعين} فالاستعانة بالله هي أساس اللجوء وإفراده بهذا اللجوء دون سواه وهذا من الفطن، فكما ذكرنا هو المالك وحده للقوة والقدرة فعندما تستند تحتاج إلى الإيواء إلى ركن متين والشعور بالاحتواء فى كنف الرحيم، فإن جاءت الإجابة مباشرة فهذا من رحمته ومنته و إن تأخرت فلعلمه وحكمته.
وكثير من المسلمين يخطئ فهم تأخير الاستجابة، فممن يقع بهم البلاء أو يتأخر عليهم العطاء يفهم عكس المراد؛ فمن الناس من يبتلى ليعود إلى الله قبل أن يحرم نعمة التوبة أو الارتقاء فى الدرجات، فى حين أن بعض من تغمرهم النعمة فهم العياذ بالله فى حالة استدراج ولا يغتر أحدنا بالمظاهر فيتوهم أن الله أعطى مثيله الدنيا والآخرة وحرمه هو فلا يعلم الغيب إلا الله، ولا ينخدع فيظن أن أحدهم قد حُرم الدنيا والآخرة وهو فى الحقيقة من المصطفين دون أن ندري.
ونعود إلى مسألة ذكر الله فأقسم أنه ما من مرة اتجهت إلى ذكر الله بقلبي- طبعا- مع لسانى إلا قد ذهب الذكر بالهم بعيدا وخاصة إذا وافق موعد أذكار الصباح والمساء.
أما الشق الثانى من العبادة فهو العلاقة مع الناس وهي أساسًا ترتكز هي الآخرى على العلاقة بالله بمعنى أن ضوابطها كلها محددة من قِبَل الخالق الذى حدد لنا كل صيغ تعاملاتنا مع بعضنا البعض؛ ولم يغفل منهجه علاقة واحدة أيًا كانت درجتها؛ بل وصل الأمر لأبعد من ذلك فحدد لنا قواعد تعاملاتنا مع كل المخلوقات حتى أنه ادخل امرأة النار فى قطة؛ فما بالنا فى علاقتنا بالبشر التى تتجاوز مأكل ومشرب وحياة وموت، لأننا لو لم نقدّر خطورة علاقة الإنسان بأخيه الإنسان فلن ندرى أن كل واحد قد يصبح للآخر فتنة تحرمه الجنة أو قدوة يفوز بسببها بجنات الفردوس الأعلى فطوبى، لكل من أحسن إلى الناس فدخل وإياهم الجنة والحسرة كل الحسرة لمن كان عكس ذلك.
والخلاصة أن ذكر الله وخاصة التي تعني {اهدنا الصراط المستقيم} ونلتمس بها التوفيق في علاقتنا بالله وبالكون وبكل من وما فيه ليكون سببا في دخولنا الجنة- يذكرنا دائما بأن المصيبة مادامت بعيدة عن ديننا فهي هينة لأنها إلى زوال بمجرد ان يفرج الله الكرب بحل المشكلة أو ببلوغ الأجل الذي نأمل بعده الانفراجة الكبرى حيث لا ابنلاءات ولا كربات، وإنما نعيم مقيم. نسأل الله الجنة.