التغيير ضرورة.. (3)
مدحت القصراوي
من العار والحسرة أن تدفن أمة من بيدهم مفتاح خلاصها
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
الحاجة إلى قياداتٍ ربانية....
اعتاد المسلمون المصريون والعرب البحث عن الشيوخ للإتباع، وعلّقوا بهم القيادة، بينما كثير منهمٌ لا يحسن القيادة، ومنهم من لا يحسن الدين ولا القيادة! وقد خدع الكثر منهم الأمة؛ إذ تعلق الناس بسمت معين وملبس معينةٍ وطنطنةٍ معينة وأحيانًا شحتفةً عاطفيةً!!
وقد ثبتت قِلةٌ من الرموز كانوا منارات وهداية بعدما سقط الكثير، وهو دورٌ عظيم، لكن يجب التفريق بين دور الدلالة على الطريق ودور سلوك الطريق؛ إذ يقف الناس مع العلماء على أول الطريق عند اللافتة.
بينما كما يحتاج الناس الى عالم يدلّهم على الطريق فهم يحتاجون إلى رجال دولةٍ مؤمنين ربانيين، قياداتٍ ربانيةٍ مؤمنةٍ تسلك بهم الطريق.
فهناك فرق بين الأحبار والربانيين، فالرباني هو من يحسن قيادة الناس بهذا الدين مع فهمه وعلمه، والحبر هو عالم مبلغ لأمر الله، يجب على الأمة أن تُنزل القيادات المؤمنة الربانية منزلتها، فهي قياداتٌ عندها العلم والفهم الشرعي وعندها القدرة على قيادة الناس ورعاية وتحقيق مصالحهم والخروج بهم من أزمتهم، ولهذا غاير تعالى بينهما فقال: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: 63].
إن الأمة لفي حاجةٍ شديدةٍ اليوم إلى القيادات المؤمنة، وهي تلك القيادات التي يحرص العدو على سجنها أو قتلها أو نفيها وإبطال مفعولها وشل قدرتها والحيلولة بينها وبين أمتها، كما تحتاج إلى علماء يبلغون الحق للخلق، العلم خيرٌ عظيم، لكن تفعيله خيرٌ أعظم وأعمق وأبقى؛ فهو مناط التغيير؛ فقد يفعّل قائدٌ مؤمنٌ بقرارٍ، مئات الخطب والدروس، وعشرات الكتب وآلاف المواعظ، بل لم يخلد في التاريخ من العلماء إلا من فعّل علمه وقوله بمواقف حاسمةً يدافع فيها عن عقيدة الأمة ودينها أو مستقبلها ومقدراتها أو يحفظها ضد عدوها ويمنع الطغاة من الإستبداد أو يحمل القادة على الشريعة والعدل.
إن ربط الناس بسمتٍ معين للإتباع ليس صحيحًا فقد لُدغنا من الكثير، ومع شهرتهم كنا نصرخ ـ ولا مستمع ـ أن كلامهم باطلٌ ومخالفٌ للعلم نفسه، فيجب تصحيح القيادة باستقامة العلماء (الأحبار) وتفعيل وتكثير وتعظيم دور (الربانيين) من القادعلماء رموز ة الذين قُتل منهم من قُتل ولم يشعر بهم الناس ولم يضجوا كما يضجون لو مات ذو شهرة، بينما قد يحملون مفاتيح الخروج بالأمة من الأزمة، فمن العار والحسرة أن تدفن أمة من بيدهم مفتاح خلاصها..