التغيير ضرورة..(4)
مدحت القصراوي
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ما صدق عبد ربه إلا صنع الله تعالى له
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
مَن يصْدُق الله.؟!
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ما صدق عبد ربه إلا صنع الله تعالى له..
وعلى هذا المنوال فإنه ما صدقت طائفةٌ مع ربها إلا صنع الله لها، وما صدق شعبٌ أو جزءٌ من الأمة ربَه إلا صنع الله تعالى لهم..
إنها قاعدةٌ مطردةٌ ولا يتخلف وعد الله، ومعنى صنع له: أنه تعالى يُصلح له حاله وأموره وشأنه، ويهيء له من الأسباب ما يصلح له أموره وينفعه ويتقدم به، في أمر الدين وأمر الدنيا على السواء.
كم من الأسباب يخلقها الله حينًا بعد حين، وكم من تغير القلوب يصرفها الله كما يشاء لصالح المؤمن: فردًا أو طائفةً أو شعبًا، وكم من الأعداء يشغلهم تعالى أو يصرفهم عن المؤمن فردًا أو طائفةً أو شعبًا.
وكم من الكيد والمكر يحبطه الله ويوهنه ويفشله ويخيّب سعي أصحابه بل ويكون عليهم حسرة، بل ويحيق بهم، وقد وعد تعالى بهذا.
فقط عندما يصْدُق عبدٌ أو طائفةٌ أو شعبٌ ربَه، وللصِدْق معنى وعلامات، ولوازم وبراهين، وإجراءات وواقع،
وعندما يغيب الصِدْق ينفذ كيد الكافرين والمجرمين؛ إذ إنه قد غاب الحق والخير عن الوجود، وعندما يغيب الخير يعبث الشر بالوجود وبالنفوس وبالبشرية وبمصيرها.
ثمة أمور كثيرة تراها قد يجعل الله فيها ما لا نتوقع، مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو تنامي اليمين المتطرف في أوروبا وتنازع الثقافتين الألمانية والفرنسية بعد غياب عنصر الانجلو ساكسون الذي قام بالتوازن، بل وتنامي اليمين المتطرف في أمريكا أيضا، أو ظهور الجماهير الغربية همجيةً متعصبةً بربريةً في الشوارع، أو التهديد في بحر الصين الجنوبي، أو مشكلة التوازن العسكري أمام روسيا.
وثمة أمور أخرى لا نراها فالله تعالى يخلق الأسباب خلقًا ويبدل اتجاهات القلوب، قيل لبعض العُبّاد بم عرفت ربك؟ قال: بنقض الهمم وفسخ العزائم، يعني أن العِباد لا يُتمون ما يريدون فكم من همة تُنقض، ويصير غيرها ويتبدل اتجاهها، وكم من عزم يُفسخ ويوهن الى غيره..
كل هذه أمثلة غير حاسمة لكنها علامات على إتساع الأفق، وأن الحلقة يمكن كسرها محليًا وإقليميًا ودوليًا.. فقط من يصْدُق.