فضيحة بيان وزير الإعلام المصري
ملفات متنوعة
القرار الصادر أمس شمل عددا من القنوات التي لا ذكر لها ولا قيمة ولا
حضور ، وإنما حرص على إدخالها في القرار من باب التعمية والتمويه حتى
يخفف من وقع الفضيحة التي حدثت بأن الحكومة المصرية تطارد القنوات
الدينية الملتزمة بمنهج أهل السنة ، منهج جمهور المسلمين
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
القرار الذي أصدره وزير الإعلام المصري أنس الفقي أمس بوقف اثنتي عشرة
قناة فضائية معظمها قنوات دينية تتبنى منهج أهل السنة ، هو بمثابة
إعلان هزيمة للإعلام الرسمي في مضمار الحرية ، وهو هزيمة للإعلام
الرسمي في مواجهة الإعلام الديني المستقل والنظيف والجاد ، وهو إعلان
هزيمة أمام شاشات الفضيلة والدعوة إلى الله على بصيرة ، ما حدث بالأمس
يلحق العار بالإعلام المصري ويفقد الثقة لدى أي مستثمر في المجال
الإعلامي في أنه يتعامل مع دولة مؤسسات وقانون .
يوم الثلاثاء قبل الماضي أصدر أنس الفقي قرارا بوقف قناة الناس عن
البث هي وأخواتها في شركة البراهين ، الخليجية والصحة والجمال ، كان
المقصود بالأساس قناة الناس صاحبة الجماهيرية الطاغية في مصر والعالم
العربي ، وقالوا فيها قصائد من الهجاء والسب والوصف بالتطرف والحض على
الكراهية ونشر الخرافات ، دون أن يقدم أحد أي دليل على هذا "الدجل
الإعلامي" الذي تم ترويجه من قبل الخطاب الرسمي ، ثم بعد أسبوع كامل ،
وأمس الثلاثاء صدر قرار جديد بإغلاق بقية القنوات الإسلامية المنتمية
إلى منهج أهل السنة ، ولا أدري هل اكتشفوا بعد أسبوع أن هذه القنوات
فيها كل هذه الموبقات الإعلامية التي أذاعوها ، وكانوا قبل ذلك عندما
أغلقوا قناة الناس لم ينتبهوا إليها أو لا يعرفون عنها كل ذلك ، أم أن
"التوجيهات" صدرت للبعض باستكمال حملة القمع وإغلاق بقية القنوات دفعة
واحدة .
وزير الإعلام أعلن ـ فيما أعلن ـ ضيقه من أن بعض تلك القنوات كانت
تنتقد المذهب الشيعي ، ومن قبل قال رجاله في خطابات رسمية أن هذه
القنوات تنتقد إيران وبالتالي وجهوا إليها إنذارا بالغلق ، وعندما خطب
حسن نصر الله زعيم تنظيم حزب الله اللبناني قبل أسبوع وهاجم في خطابه
ما أسماه "الإعلام الفتنوي" أغلقت في اليوم التالي مباشرة للخطاب قناة
"صفا" الفضائية ، وهي قناة دينية وثقافية ترد على شبهات بعض المتطرفين
الشيعة وتنتقد تطاولهم على أم المؤمنين عائشة وأصحاب النبي ، وقادت
حملة كبيرة خلال الأسابيع الماضية ضد رجل دين شيعي متطرف عقد احتفالية
لشتم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في لندن ، وأدت الحملة إلى أن
قامت السلطات الكويتية بإسقاط الجنسية عن هذا المتطرف الشيعي وملاحقته
قضائيا ، غضب أنس الفقي لذلك ، , واعتبره إساءة إلى الشيعة ، فأغلق
قناة صفا فيما يبدو استجابة لتهديد حسن نصر الله في اليوم التالي
مباشرة ، ثم لما احتج أصحاب القناة قالوا لهم أن هناك تشويشا حدث على
القناة من جهات إيرانية ولذلك تم قطع الإشارة عن القناة حتى لا تضر
"الباقة" المتصلة معها في نطاقها ، ثم اعتذروا لهم بعد تدخل جهات
أمنية وأعادوا بث القناة ، ثم اليوم بعد أسبوع أو أقل اتضح أن قطع
الإشارة لم يكن من إيران وإنما من القاهرة ، ولكنهم كذبوا على الجميع
خجلا ، أمس ، خلعوا برقع الخجل وأعلن وزير الإعلام صراحة ، نعم نحن
أغلقنا قناة صفا .
وزير الإعلام اتهم تلك القنوات بأنها مارست النصب والاحتيال ، وتلك
جريمة في القانون المصري ، ويلزم وزير الإعلام أن يذهب إلى النائب
العام بطلب التحقيق في تلك الجريمة ، إن كانت هناك جريمة ، وإلا كان
متسترا على جريمة ومجرمين ، ولكنه لن يفعل ، لأنه يعرف أن ما قاله محض
دجل إعلامي لا قيمة له ، قنابل دخان للتغطية على "الجريمة الحقيقية"
التي ارتكبت بإغلاق القنوات الإسلامية وتدمير استثمارات كبيرة وثقت أن
في مصر قانون ودولة ومؤسسات .
وزير الإعلام تكلم في بيانه عن أن قرار الغلق استهدف قنوات تنشر
الإباحية ، وهذا الاعتراف الخطير يكفي وحده لمحاكمة الوزير برلمانيا
وجنائيا ، لأن هذه القنوات المشار إليها تعمل عبر النايل سات منذ
سنوات ، فكيف سمح وزير إعلام مصر لقنوات إباحية بالعمل كل هذه المدة
وتبث المواد الإباحية على المشاهد المصري والعربي ، وأين كان الوزير
كل هذه السنوات ، وهل كان يعرف هو ورجاله أن هناك مواد إباحية تبث
وسكتوا وتستروا عليها ، أم أنهم كانوا لا يعرفون ولا يتابعون وهي
مصيبة أعظم من المصيبة الأولى .
القرار الصادر أمس شمل عددا من القنوات التي لا ذكر لها ولا قيمة ولا
حضور ، وإنما حرص على إدخالها في القرار من باب التعمية والتمويه حتى
يخفف من وقع الفضيحة التي حدثت بأن الحكومة المصرية تطارد القنوات
الدينية الملتزمة بمنهج أهل السنة ، منهج جمهور المسلمين وغالبيتهم
الساحقة .
كان الخطاب الإعلامي الرسمي في السنوات السابقة يهاجم الخطاب الإسلامي
ويطارده بدعوى محاصرة الإرهاب والعنف ، الآن هو يطارد الإعلام
الإسلامي الذي يهاجم العنف والإرهاب ، بما يعني أن المسألة لم تكن
مطاردة العنف والإرهاب ، وإنما مطاردة الدين نفسه وكل ما يحض على تدين
حقيقي للناس .
[email protected]
20-10-2010 م