مغموسون في السياسة
الناس مغموسةٌ فيها ولكن الفارق فقط في المواقف وشرفها واستقامتها، وعدم البيع للدين والضمير والشعوب والبلاد، وعدم بيع الأعراض ولا المستقبل، أو القبول بهذا البيع في صفقةٍ خسيسة، ثم يقول لا شأن لي بالسياسة!!
ليس من أحدٍ يبتعد عن السياسة فهي حياتنا التي نعيشها؛ فتعاظم دور الدولة يجعل السياسة تدخل إلى بيوتنا من خلال الإعلام وخطابه، ومن خلال التعليم ومناهجه، ومن خلال الطعام والشراب وفواتير المياه والكهرباء، وقوانين العمل، وأسعار السلع والمواصلات، بل وتغلغلت السياسة خلال الخطاب الفني من تمثيل سافلٍ وأغانٍ هابطة.
يجد كلٌ منا ابنه راجعًا إليه من مدرسته يحمل منهجًا يخالف عقديته ودينه وقيمه بل ووطنيته! هذه سياسة!، وصراخ الإعلام يوميًا وعلى مدار الساعة، هذه سياسة!، بل والإنتاج الفني بما يحمله من مواقف سياسية بل ومواقف قيمية وهدمٍ لدينٍ وقيمٍ وأخلاق أمة، هذه سياسة!، إغماض عينك عن الحقيقة الموجودة لا يعني أنها غير موجودة، إلا على مذهب من خرج عن جماعة العقلاء.
ليس من عالمٍ أو داعيةٍ يستطيع أن يزعم ـ كذبًا ـ أنه لا علاقة له بالسياسة فتأييده للأوضاع سياسة، وتركيعه الناس للباطل سياسة، ومهما حاول الابتعاد فإنهم يوقفونه كل فترة ليقول ما أرادوا ويقف موقفًا يختار فيه بين الحق والباطل، كلما ازداد داعيةٌ أو عالم شهرة انغمس أكثر فلا بد من إبداء رأيه والناس تنتظر كلامه، والأجهزة ترقب شهرته بحساسيةٍ شديدة، ولا يستمر إلا تحت شروط.
إن تأييد كل مَن مَلَك، هو موقفٌ سياسي، ونهي الناس عن التمرد والاحتجاج هو موقفٌ سياسي، والدعوة للإنسحاب من التفاعل مع الأحداث والحركات الجماهيرية سياسة!.
الناس مغموسةٌ فيها ولكن الفارق فقط في المواقف وشرفها واستقامتها، وعدم البيع للدين والضمير والشعوب والبلاد، وعدم بيع الأعراض ولا المستقبل، أو القبول بهذا البيع في صفقةٍ خسيسة، ثم يقول لا شأن لي بالسياسة!!
- التصنيف: