حوارٌ معكَ يا عُمري!

منذ 2016-10-12

أَفِدُ على ربي ببضاعةِ أوقاتٍ حَوَتْ ما حَوَتْ مما سَتَرهُ اللهُ عن أعينٍ قد أحبَّتْ بضاعتي المعروضة، وما دَرَتْ بضاعةَ سريرتي المُزجاة.

وأحملُك يا عُمُري كُرهًا رُغم أنفي،
متكئًا على عصا أوزاري.
ما علمتُ متى يقف بي قطارُ أيامي،
فما عملتُ حسابًا للحسابِ،
وما استعددتُّ لأهم أسفاري.
يوم أنيخُ مطايا السوءِ عن عربةِ العُمُر،
على كفّةِ ميزانِ الآخرةِ، حيث الوزن بالذرة!
فهل تنفعني ها هنا اليوم أشعاري؟
يومًا أنا موقوفٌ ومسؤولٌ عنك فيما أفنيتُك يا عُمُري!
فكيف بربِّك أجيبُ ربَّك،
وكيف عساهُ يكون عنك إخباري؟
وقد خاب من أسرف؛
{وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} (1)؛
{وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ} (2).
فيا ويل نفسي يومئذ من سُوءِ إسراري.
أَفِدُ على ربي ببضاعةِ أوقاتٍ حَوَتْ ما حَوَتْ مما سَتَرهُ اللهُ عن أعينٍ قد أحبَّتْ بضاعتي المعروضة، وما دَرَتْ بضاعةَ سريرتي المُزجاة.
فأين المفرُّ ببضاعةٍ؟ وأين بضاعتي؟
ترى يومئذٍ أَيناها؟
انفضّتْ أسواقُ التجارة مع الله كلُّها بنفخةٍ واحدةٍ،
رَقَدت بعدها روحُ كُلِّ ذي روح، و مَسعاها،
ثم نفخةٌ أخرى،
نَهبُّّ بعدها للحظة الحصاد والجزاء والصكوك والختام.
وما أدراكَ ما أقساها!
فأين عمري؟ وأين بضاعتي؟
وأين أيامي ومَحياها؟
يا مسكينًا يحسبُ أنه ناجٍ فنامَ وضحكَ مِلءَ فِيهِ: ماذا أعددتَّ اليوم لقبرك؟
وضَمَّتِه وما تلاها؟
وماذا فعلتَ لأول ليلةٍ فيه خاصةً؟
وكيف تنساها؟!
حيث ملكان يُقعِدانَك وحدك للسؤال
وما أدراك كيف يأتي منك الجواب؟!
فبالله بالله كيف تنام عن ذكراها؟
أما سمعتَ مناديًا ينادي "يا ابن آدم إنما أنت أيامٌ؛ فإذا ذهبَ يومُك ذهبَ بعضُك" (3)؟
فماذا تنتظر؟ ندمًا حين تَبلغُ منتهاها؟!
{وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} (4)
فاستمع وانتفض،
وأيقظ نفسك من فجورها،
وأدرِك منها تقواها.
يا عُمُري!

--------------------

(1) سورة طه: الآية 111

(2) سورة طه: الآية 61

(3) مقولة للحسن البصري رحمه الله

(4) سورة الصافات: الآية 24

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أسماء محمد لبيب

كاتبة مصرية

  • 2
  • 0
  • 4,623

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً