مقولة (الحمد لله على كل حال)
لفت نظري شيوع مقولة (الحمد لله على كل حال) على كثير من الألسنة عند مواقف الحمد على المكروه، وذلك في سياق من الحديث يُكنِّي -ولا يصرح- بالضجر من قضاء الله!
لفت نظري شيوع مقولة (الحمد لله على كل حال) على كثير من الألسنة عند مواقف الحمد على المكروه، وذلك في سياق من الحديث يُكنِّي -ولا يصرح- بالضجر من قضاء الله! ذلك أن ظاهر العبارة هي الحمد والرضا، لكن السياق والجو النفسي غالبًا يشي لي بأن الباطن هو الضجر وليس الرضا، وإن كان الظاهر هو الرضا! وكأن القائل يتحرج من مقولة (الحمد لله الذي لا يُحمَد على مكروه سواه)، والتي هي أكثر صراحة في معنى الضجر، فيعرب بـ(الحمد لله على كل حال) عن الضجر في رداءٍ من الرضا !
لكنني آثرت ألا أحكم بوجداني وحدسي فقط؛ لكن أن أبحث عن أصل العبارة في السنة، فوجدت أن الروايات التي وردت فيها العبارة (الحمد لله على كل حال) عند الحمد على المكروه لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك على سبيل المثال رواية:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه شيء يكرهه قال: الحمد لله على كل حال، وإذا جاءه شيء يعجبه قال: الحمد لله المنعم المفضل الذي بنعمته تتم الصالحات" (المحدث: البيهقي- المصدر: الأسماء والصفات- الصفحة أو الرقم: 1/154- حكم المحدث: منقطع).
بينما وجدت الروايات الصحيحة التي وردت بالعبارة لم تكن في سياق حمد على مكروه الدنيا، بل ورد معها الاستعاذة من النار، وورد هذا أيضًا بعد الحمد والثناء على الله تعالى في أمور محبوبة. وذلك مثل رواية :
"أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يقولُ إذا أخذ مضجَعَه: «الحمدُ للهِ الذي كفاني وآواني، وأطعمني وسقاني، والذي منَِّ عليَّ فأفضلَ، والذي أعطاني فأجزلَ، الحمدُ للهِ على كلِّ حالٍ اللهم ربَّ كلِّ شيءٍ ومليكَه وإلَه كلَّ شيءٍ، أعوذُ بك من النارِ»" (المحدث: الألباني- المصدر: صحيح أبي داود- الصفحة أو الرقم: 5058- حكم المحدث: إسناده صحيح).
وأيضًا وردت في سياق الحمد بعد العطاس، مثل رواية: "أنَّ رجلًا عطَسَ إلى جنبِ ابنِ عمرَ فقال الحمدُ للهِ والسلامُ على رسولِ اللهِ قال ابنُ عمرَ: وأنا أقولُ الحمدُ للهِ والسلامُ على رسولِ اللهِ وليسَ هكذا عَلَّمَنَا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ علَّمَنَا أن نقولَ: الحمدُ للهِ على كلِّ حالٍ" (المحدث: الألباني- المصدر: إرواء الغليل- الصفحة أو الرقم: 3/245- حكم المحدث: إسناده صحيح).
لذا أعِظ نفسي وإخواني وأخواتي أن يتحروا عدم إظهار الضجر من قضاء الله، وذلك تأدبًا مع الله، فنتجنب هذه العبارة : "الحمد لله على كل حال" في سياق الحمد على مكروهات القضاء، وذلك حتى نكون قد تحلينا بالصبر الجميل حقًا.
جزاكم الله كل خير ورضَّاكم بقدره وقضائه.
- التصنيف: