الحج عَبرَةٌ وعِبرَة

منذ 2010-10-30

الحج.. تلك الطاعة التي يجتمع فيها: الشريف والوضيع.. الغني والفقير.. القويُّ والضعيف.. الذكر والأنثى.. لا يتفاضلون بغير التقوى.. ولا يتميزون بسِوى الطاعة..




الحج.. تلك الشعيرة العظيمة.. والعبادة الجليلة.. التي يجتمع فيها أكثر من ثلاثة ملايين مسلم (تقريبًا).. يجتمعون بلباسٍ واحد.. ومكانٍ واحد..

الحج.. تلك الطاعة التي يجتمع فيها: الشريف والوضيع.. الغني والفقير.. القويُّ والضعيف.. الذكر والأنثى.. لا يتفاضلون بغير التقوى.. ولا يتميزون بسِوى الطاعة..

الكل ينادي: لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك..

الكل يقول: ربِّ اغفر لي.. ربِّ ارحمني.. ربِّ تب عليّ.. ربِّ تقبَّل منِّي..


الجميع يهتف: اللهم ارضَ عنِّي.. اللهم أدخلني الجنة.. اللهم أجِرني من النار.. اللهم توفَّني على الإيمان..

في الحقيقة.. لا يملكُ الإنسان عَبرَته ودمعته وهو يشاهد تلك الجموع المجتمعة والوفود المحتشدة.. وهي تجتمع لتلبية نداء الله -عز وجل- لها على لسان نبيِّه إبراهيم -عليه السلام-: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج: 27]..

أما يومُ عرفة.. وما أدراك ما يومُ عرفة.. ذلك اليوم العظيم الرهيب.. الذي يباهي به الله الملائكة.. ففي المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: «إن الله -تعالى- يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، يقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبرا ..»[صححه الألباني].


إنه يومُ الغفران.. يومُ انحطاط الذنوب والنكران.. يومُ عتِق الرقاب من النيران.. فاعتبروا يا أولي القلوب..

في الحج.. يُسكَبُ العطر الحلال (دموع التوبة).. وتنادي أصوات العصاة والمذنبين: ربنا إنا تبنا إليك .. فاقبلنا يا من يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.. فيأتي الجواب الرباني: «فإني أشهد نفسي وخلقي أني قد غفرت لهم»[المحدث: الألباني، حسن لغيره]..

في الحج.. عَبرَةٌ تسقطُ من أهل التقوى والإيمان.. وعِبرةٌ لأولي الأبصار والألباب..

في الحج.. عَبرَةُ تنزِل من أصحاب الذنوب والعصيان.. وعِبرةٌ لمن يعتبر من أهل الفجور والشهوات..

في الحج.. تُسكَب العبَرَات.. وتتنزل الرحمات.. وتفيض العطايا والهِبات.. وتُمنَح الهدايا والشهادات.. «فإني أشهد نفسي وخلقي أني قد غفرت لهم»[المحدث: الألباني، حسن لغيره]..


في الحج.. تتآلف القلوب وتجتمع.. وتتعاظم النفوس وترتفع.. وتذلُّ الأفئدة لربها وتنخلع..

في الحج عَبرَةٌ وعِبرَة.. ودمعةٌ وبسمة.. فيا أيها الحجاج: أبشروا واطمئنوا.. واجتهدوا وثابروا.. واحرصوا على اغتنام لحظاتكم وأوقاتكم.. وتجنبوا اللَّغط واللغو.. ولْيكن شعاركم: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] فإنما هي أيامًٌ معدودات.. ثم ترجعون بجائزة: «وإذا قضى آخر طواف بالبيت خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»[حسنه الألباني].. فالله أكبر وأكرم وأجلُّ وأعظم يا معشر الحجاج..

لبَّيك اللهم لبَّيك.. لبَّيك لا شريك لك لبَّيك.. لبَّيك وسَعَديك والخير بيديك.. والرغباء والعمل إليك.. لبيك حجةً حقًا.. تذلّلًُا ورقًا..



وكتبه من رأس القلم/ عبد الرحمن بن محمد السيد

21/ 11/ 1428 هـ

-بتصرف يسير-

 

المصدر: من مقالات زوار موقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 3,170

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً