الأمة في مواجهة السرطان الصَفَوي
الأمة في مواجهة المشروع الإيراني: هو عنوان التقرير الإستراتيجي الأحدث للعام الحالي، وهو تقريرٌ تصدره مجلة البيان سنويًا، حيث تصَدَر العناوين التي تستحق الاقتناء في معرض الرياض الدولي للكتاب.
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
الأمة في مواجهة المشروع الإيراني: هو عنوان التقرير الإستراتيجي الأحدث للعام الحالي، وهو تقريرٌ تصدره مجلة البيان سنويًا، حيث تصَدَر العناوين التي تستحق الاقتناء في معرض الرياض الدولي للكتاب.
التقرير طازج -صدر قبل ثلاثة أسابيع تقريبًا، في موعدٍ يبدو أنه مُتعمد ليوائم موعد الحدث الثقافي الأبرز في السعودية، بعد أن أصبح معرض الرياض موسمًا فكريًا دسِمًا، وإن واكبه جدلٌ ساخنٌ بين أهل الأصالة الذين يمثلون الأكثرية الساحقة من المجتمع، وبين بعض الأقلام الليبرالية التي تشطح وتريد الهيمنة على الحركة الفكرية للسعوديين، بالصوت المرتفع واستغلال الهجمة الخارجية على الإسلام وعلى المسلمين بعامة، وعلى المملكة بخاصة، ولعل حملة أباطيل الرئيس الأمريكي باراك أوباما بمجلة أتلانتيك قبل أيام، هي الهجمة الأشد سخونة وافتراءً حتى الآن!!
العدو الصفوي
يحمل تقرير البيان الجديد الرقم 13، ويعتبر محاولةً رصينةً لتقويم مستقبل المشروع الإيراني الطائفي في المنطقة وتحديد مصادر قوته وكشف نقاط ضعفه، مع حرصٍ جلي على إحياء المشروع السُني ليعيد للعالم العربي والإسلامي عافيته وقدرته على التعبير عن الإسلام الحق، كما جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وسار على هديه صحابته الكرام ثم التابعون لهم بإحسان قرناً بعد قرن.
وقد شارك في موضوعاته الثرية عددٌ من ذوي الاختصاص في معرفة إيران عقيدةً وتاريخًا، ومن المعروفين برصدهم الدقيق لمسارات خطتها الخمسينية للتغلغل في جسد الأمة الإسلامية بخطواتٍ خبيثةٍ ومدروسة، وجُهدٍ محموم تسهم فيه سائر أجهزة إمبراطورية الشر والكراهية.
وتضمن التقرير ستة أبواب واشتمل على دراسةٍ لعبد العزيز كامل بعنوان (نحو مشروعٍ إسلاميٍ سُني مواجِه) سعى فيها إلى بيان تحديات المشاريع الأخرى التي تتكالب على أمة التوحيد وهي مشاريع التغريب والإلحاد والتشيع المجوسي.
وفي دراسة بعنوان (المشروع الإيراني في العالم الإسلامي)، أكد أحمد التهامي أن "تركيز المشروع الإيراني على دول الخليج في عقد الثمانينيات يُظهر التداخل بين الأبعاد الطائفية والاستراتيجية في المشروع الإيراني، فتصدير الثورة الشيعية كان يخدم الأهداف الاستراتيجية والتصور الإيراني للأمن في الخليج العربي".
وفي البحث الذي أعده أحمد السيد (ظاهرة التشيع السياسي وأبعادها ودورها في إنجاح المشروع الإيراني)، لاحظ تسخير طهران لفلول اليسار وتجار القومية العربية في تسويق سرطانها، باسم الممانعة المزعومة، والتي قيَّض الله لفضحها ثورة الشعب السوري التي أسقطت كل الأقنعة عن هؤلاء المجرمين.
وشارك الباحث عصام زيدان ببحثٍ لتقويم التقريب المذهبي بين السنة والشيعة، أما الباحث حميد محمد عالي فقد كتب عن: الشعب الكردي في إيران.. بين تحديات الواقع وآفاق المستقبل، وعن البلوش كتب الباحث أحمد عمرو بحثًا عنوانه: البلوش رأس الحربة السًنية في إيران، كما كتب محمد محسن أبو النور عن: تركمان إيران.. مستقبل ما بعد الإتفاق النووي.
وفي نهاية التقرير رصد توثيقي للقنوات الفضائية الشيعية وتبعيتها ومجالاتها، حيث رصد 73 قناة فضائية، بين إخبارية، ودينية، ومنوعة، وأفلام، وإعلام حربي.
مصادر قوة المجوس الجدد
حدد التقرير مصادر قوة إيران الخمينية بـ:
1-العمق العَقدي حيث تنطلق كل المناشط والمؤسسات من عمقٍ عَقديٍ رافضي ٍتؤججه بغضاءٌ دفينةٌ وعميقة الجذور، فهو يسيِّر كل تحركات نظام الملالي في الداخل والخارج، تخطيطًا وتنفيذًا.وكانت ولاية الفقيه نقطة انطلاقه من سلبية الانتظار التاريخية لدى الرافضة الإثني عشرية زهاء 11 قرناً من الزمان.
2-الضعف الإقليمي فقد نجحت إيران في بناء مشروعٍ عَقديٍ جامعٍ استقطب شيعة المنطقة، سار العرب من فشل إلى فشل، وخاصة في ظل نظمٍ قهريةٍ تغريبية لم تفلح في أي ميدانٍ نافع، فالقومية العربية أفلست في أول اختبار حقيقي لها في نكبة (1948م) ثم في نكبة (1967م) وتناحرت على أساس ولاءات ساستها بين الشرق الشيوعي والغرب الليبرالي، ونَخَرها الفساد والاستبداد.
3-الشعارات الخادعة فقد استطاعت الثورة الخمينية تضليل قطاعاتٍ غير قليلة في الشارع الإسلامي، وخداعه بأكاذيب الثورة وشعاراتها الزائفة، وأهمها خرافة الوحدة الإسلامية، أو التقارب السُني/ الشيعي، والتي كانت مداخل لاختراق المناطق والمجتمعات السُنية، وتغيير هويتها، وتقريبها للتشيع أو تشييعها عقديًا أو سياسيًا.
كما ادعت طهران مواجهة الكيان الصهيوني وتحرير المقدسات الإسلامية في فلسطين، واستطاعت أداتها في لبنان(حزب الله) التغرير بشعوبٍ مسلمةٍ كاملة إلا ما رحم ربي، وقليلٌ ما هم.
نقاط الضعف الكبرى
وتتلخص في:
1- السقوط الأخلاقي:
فالمزايدات السياسية والشعارات الدينية التي بدأت بها الخمينية سقطت بشكلٍ صارخٍ في ثورة سوريا والسيطرة الصفوية الطائفية الوحشية على العراق ومحاولة اختطاف اليمن، ولم تعد تلك الشعارات تنجح في إخفاء الوجه الطائفي المتعصب.
2- هشاشة الداخل:
تبدو إيران أمام الخارج كقوةٍ إقليميةٍ كبرى في ظل نظامٍ عَقدي وشمولي ولا سيما بعد سقوط العراق، الذي أهداه المحتل الأمريكي إلى ملالي قم بلا تعب!!، لكنها في الحقيقة شديدة الوهن من الداخل، بسبب تركيبتها السكانية من عدة أعراقٍ ومِلَل وطوائف، تعاني جميعًا من استعلاءٍ عنصريٍ فارسيٍ صلف.
غرور النجاح العابر:
فبعد افتضاح الهوية الحقيقية للنظام الإيراني، أصبحت إيران موضع سخطٍ شعبيٍ عارم، نتيجة عدوانها على الشعوب المسلمة ومساندتها لطغاتهم القتلة، بالإضافة إلى بروز خطابٍ استعلائي واستعدائي مكشوف، وانحسارُ خطاب التقية الناعمة التي تبخرت.
والحصيلة النهائية خسارةٌ مزدوجة، فاستغلال الأقليات الشيعية أفقد هذه سِمة العيش الهادئ السابق بعد أن تحولت ورقةً بيد خامنئي ضد مجتمعاتها، والوجه الآخر تفاقم النقمة الشعبية في إيران لأن النظام أنفق الأموال الطائلة على العسكرة والسيطرة الخارجية، على حساب أي تنميةٍ حقيقيةٍ في الداخل.
منذر الأسعد
7/6/1437 هـ