الاستبداد و الطماطم بينهما الجنون

منذ 2010-11-02

فنحن نريد لتغيير أوضاع الظلم والفساد حملة إيمانية للتغيير وليس جمعية وطنية برادعية فقد نجح الاستبداد في إغراقنا في الأسباب وإبعادنا عن رب الأسباب .


المتتبع للأحوال السياسية في مصرنا الغالية يجد أن الاستبداد كالبحر كثيراً ما تجد أمواجه عالية ونادراً من ينجو في بحر السياسة من غدر الاستبداد
وفى أيامنا هذه ارتفعت أمواج الاستبداد تنذر بمزيد من الظلمات ولا يختلف الحال في وطننا العربي والمتأمل في أحواله تصيبه الكآبة من التردي الواضح للكثير من المواقف السياسية وآخرها قمة سرت التي لا يستطيع أي مواطن عربي أن يحدد ماذا حدث في تلك القمة وعلى ماذا اتفقوا و ما هي القرارات
الملاحظة الوحيدة أن تلك القمة جمعت عرب وأفارقة وأن الكلام دار في القمة على رابطة جوار وما شابه ذلك الشاهد أن المواطن العربي يقع في حيرة هل ستبقى الجامعة عربية أم عرب افريقية أم تتحلل وينادى الأمين العام من ينضم لجامعة كانت عربية وأصبحت مفتوحة
ومن مصر للوطن العربي فحدث ولا حرج عن قمع واستبداد وظهور لمجرمين يعادون الإسلام في كثير من وسائل الإعلام ومن دافع عن دينه يضطهد ويسجن وقبل أن أكمل فوجئت بصديق لي ينصحني بالاستراحة من الكتابة غن الظلم والسياسة والدفاع عن الإسلام والمظلومين ويكاد يُقبل يدي
وهو يقول لي أرجوك ولتكن استراحة محارب فكثيرون سكتوا واستراحوا وأنت تعلم أن موجة القمع والظلم عالية وأعداء الإسلام هم الأقوياء والكنيسة والشيعة على الحجر الآن وهم يتصيدون لك أي خطأ ليظلموك كما حدث من قبل و لا سند معك و لا جماعة تقف معك و لا مال تتركه لعيالك وأكثر من تعرف هرب من الوقوف معك .
أرجوك اسمعها منى نصيحة محب فأنت كفارس بلا جواد
  سكت فأنا أعلم يقيناً أنه من أحبابي وأصدقائي
ثم قلت له أنا لا فارس ولا حاجة ويوجد غيري كثير من الفرسان
أنا أحاول أن اتقى الله على قدر ما أستطيع
فاحتضنني وقال لي علشان خاطرى
فقلت له ما رأيك أكتب عن الطماطم أفضل فضحك وقال ماشى مع أنها الآن سياسة
نعم فقد تزامنت الأحداث مابين قمة عربية فاشلة وموجة قمع من إغلاق قنوات إسلامية إلى تقييد عام للبث المباشر لوسائل الإعلام إلى موجة اعتقالات للإخوان كل ذلك تزامن مع مشكلة مصرية أخرى أقلقت معدة وجيب وعقل المواطن المصري ألا وهى مشكلة ارتفاع سعر الطماطم
وقد قيل أن أصولها غير عربية أمريكية وايطالية ولكنها في المنطقة العربية نجحت في احتلال مكانها على مائدة العرب والمصريين خاصة وبدون غزو عسكري وبدون خسائر مطلقاً وبدون خيانة من الشيعة و لا انقلاب مخطط في البنتاجون فطريق المعدة أسهل طريق للاحتلال
وتتميز الطماطم دائماً برخص سعرها ودائماً ما كان المصريون يتندرون عندما يذهبون إلى دول عربية فيجدون أن الطماطم أغلى سعراً من التفاح
وفد أطلق عليها المصريون اسم ولقب المجنونة لتقلب سعرها وفجأة من الوفرة الشديدة طوال العام إلى الندرة الشديدة وهى تشبه الاستبداد في تقلب أحواله فمرة هادئ ومرات مجنون في استبداده .
ومع استمرار ارتفاع سعر الطماطم المجنونة تسبب ذلك في انهيار كثير من الأكلات المصرية وأصبحت حديث كل بيت مصري
الذي بدوره  ترك الحديث عن إغلاق قنوات الفضيلة وجماعات المعارضة ودخول الإخوان الانتخابات رغم أن طريقها مفروش بالتزوير والفتنة الطائفية التي تم وضع ألواح ثلج على رأسها بالحديث عن الوحدة الوطنية بدون حل قانوني عادل
وأصبح حديثه الوحيد فقط ارتفاع سعر الطماطم الذي صاحبه من أجل الغيرة ارتفاع أسعار كثير من الخضروات حتى ارتفع سعرها عن الفاكهة وهو أمر نادر أن يحدث في مصر ولكنه حدث .
البعض في الحكومة قلل في البداية من المشكلة بلا شك لأن هذا المسئول لا يشتري الخضروات ولا يعرف أسعارها ولا يخطط لإنفاق مرتبه ولا يشعر بما يشعر به المواطنين (فكل حاجة توصل لمطبخ الهانم بسرعة البرق دون أن يشعر )
لكن مع استفحال الأزمة التي غطت على استعدادات تزوير انتخابات البرلمان وصياح المعارضة تحدثت الحكومة عن أزمة الطماطم وارتفاع الأسعار
وجعلتها أهم من البرلمان والتزوير ورقابة الانتخابات وحوادث الطرق التي أصبحت مصر رقم واحد في العالم فيها وأرخص جثة على الطريق في العالم هي جثة المواطن المصري
ومع ذلك استمرت أزمة الطماطم حتى دخلت على شهرين ولم تنجح الحكومة في حل المشكلة وهى أطول أزمة تفشل الحكومة في علاجها
فالحكومة تخطت بكل الطرق كل الأزمات :  المظاهرات - الإخوان - البرادعى - كفاية-الجماعات الإسلامية -انتهاكات حقوق الإنسان - الفتنة الطائفية  وبيشوى والكنيسة - واحتفلت بعيد السويس بدون صاحب ومؤسس العيد الشيخ المجاهد حافظ سلامة - وتحاورت مع المثقفين من بقايا الشيوعية وقابلت عمار الحكيم الملوثة يده بدماء المسلمين ولم تفكر أن تقابل شيخ أو داعية مثل منارة الشيوخ والدعاة أحمد المحلاوي
 وغيرها الكثير والكثير إلا أزمة الطماطم فهي مستمرة ترفع راية العصيان والتمرد على الحكومة ونجحت في الانتصار على الحكومة من غير استقواء بالخارج ومن غير الاستعانة بالإخوان ولا البرادعى

البعض يقول أن الطماطم في مصر حقاً إنها مجنونة فهي تبدو أقوى من الأمن المركزي ولا تخاف من قانون الطوارئ ولا تلفيق القضايا ولا المعتقلات
ولكن الحقيقة تقول أن الله تعالى قال في كتابه الكريم (ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ) فكل ما يعانيه الناس من ظلم ومشاكل لا حصر لها وارتفاع في الأسعار هو تصديق لقول الحق معيشة ضنكا فالحل ليس بيد البرادعى ومطالب الجمعية الوطنية للتغيير إنما بصدق اللجوء إلى الله والعمل الصالح .
فنحن نريد لتغيير أوضاع الظلم والفساد حملة إيمانية للتغيير وليس جمعية وطنية برادعية فقد نجح الاستبداد في إغراقنا في الأسباب وإبعادنا عن رب الأسباب .
وأقوى شيء يهزم الاستبداد والظلم والفساد هو صدق الإيمان بالله أولاً مع الأخذ بالأسباب وعدم الاعتماد عليها
عندها يولى الله علينا الأخيار و يختفي الأشرار والمفسدون والمستبدون فالحق هو القائل (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
بعد انتهيت من كتابة مقالي قلت لصديقي لم أكتب في السياسة كتبت عن الطماطم إيه رأيك فنظر في المقال ونظر لي وعينه كلها احمرار مثل الطماطم وقال لا حول ولا قوة إلا بالله طيب إيه رأيك الحكومة نجحت في اعتقال الطماطم ورخصت سعرها فقلت له ربنا يستر و لا حول ولا قوة إلا  بالله اللهم أنت ناصري ومعيني
ممدوح إسماعيل محام وكاتب
[email protected]
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 2,978
  • ام على و يوسف

      منذ
    نعم عندما كنت أقرا مقال لهذا الكاتب كنت ادعوا له بالستر خوفا عليه ربنا يثبتنا واياك فالمقاله رائعه مبكيه فى زات الوقت

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً