حفظ الدين أولُ الضروريات
من لا يمتلك القوة لحفظ الدين ستنتزع دنياه رغم أنفه.
جاءت شريعة الإسلام بل وسائر الشرائع بمنهج يضمن حفظ الضروريات الخمس وأولها الدين وأخرها المال، فمن فرط وارتضى بالتفريط في دينه فهو بالأولى والأحرى يسهل تفريطه في باقي الضروريات حتى وإن ظن أنه بتعلقه بالدنيا والعمل من أجلها سيحافظ عليها إلا أن ظنه باطلٌ، فمن لا يمتلك القوة لحفظ الدين ستنتزع دنياه رغم أنفه.
قال الشاطبي في الموافقات:
قال ابن أمير حاج: وَيُقَدَّمُ حِفْظُ الدِّينِ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ عَلَى مَا عَدَاهُ عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وَغَيْرُهُ مَقْصُودٌ مِنْ أَجْلِهِ؛ وَلِأَنَّ ثَمَرَتَهُ أَكْمَلُ الثَّمَرَاتِ وَهِيَ نَيْلُ السَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ فِي جِوَارِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ يُقَدَّمُ حِفْظُ النَّفْسِ عَلَى حِفْظِ النَّسَبِ وَالْعَقْلِ وَالْمَالِ لِتَضَمُّنِهِ الْمَصَالِحَ الدِّينِيَّةَ، لِأَنَّهَا إنَّمَا تَحْصُلُ بِالْعِبَادَاتِ وَحُصُولُهَا مَوْقُوفٌ عَلَى بَقَاءِ النَّفْسِ، ثُمَّ يُقَدَّمُ حِفْظُ النَّسَبِ عَلَى الْبَاقِيَيْنِ، لِأَنَّهُ لِبَقَاءِ نَفْسِ الْوَلَدِ، إذْ بِتَحْرِيمِ الزِّنَا لَا يَحْصُلُ اخْتِلَاطُ النَّسَبِ فَيُنْسَبُ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فَيَهْتَمَّ بِتَرْبِيَتِهِ وَحِفْظِ نَفْسِهِ وَإِلَّا أُهْمِلَ فَتَفُوتُ نَفْسُهُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى حِفْظِهَا، ثُمَّ يُقَدِّمُ حِفْظَ الْعَقْلِ عَلَى حِفْظِ الْمَالِ لِفَوَاتِ النَّفْسِ بِفَوَاتِهِ حَتَّى أَنَّ الْإِنْسَانَ بِفَوَاتِهِ يَلْتَحِقُ بِالْحَيَوَانَاتِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْلِيفُ وَمِنْ ثَمَّةَ وَجَبَ بِتَفْوِيتِهِ مَا وَجَبَ بِتَفْوِيتِ النَّفْسِ وَهِيَ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ، قُلْت وَلَا يَعْرَى كَوْنُ بَعْضِ هَذِهِ التَّوْجِيهَاتِ مُفِيدَةً لِتَرْتِيبِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مِنْ تَأَمُّلٍ ثُمَّ حِفْظُ الْمَالِ. انتهى.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: