عقائد وأحقاد (6)
انظر إلى منطق أهل السُنة؛ فمع احتفاظهم بالحق وتحريره، ودحضهم للبدع؛ لكنهم يحتفظون بوحدة الأمة والنظر الكلي لها وعدم تفتيتها أو تضييعها
أهل السنة والفِرق:
وأهل السُنة على مدار التاريخ جمعوا الأمة وبحثوا عن محل الوفاق لا محل الخلاف، فلم يفعلوا ما فعله منحرفة الأزهر اليوم المؤتمرين بأمر العدو، المشعلين للخلافات النظرية، كما لم يحملوا حقد الشيعة الأسود.
منذ زمن مبارك وشيخ الأزهر يلحّ في شأن خلاف الأشاعرة مع السلف ويتبجح به، وينفث فيه ويبحث عنه، حتى انتهى الأمر أخيرًا بمؤتمر الشيشان، وفرّغوا أنفسهم لإشعال الخلاف بين الأمة، وتشقيقها وتمزيعها إربًا وإشعالها من الداخل لتتعدد محاور الخلاف والشقاق يضاف إلى الخلافات الممزقة اليوم طائفيةً وإيديولوجية وطبقية ومصالحية!
كما لم يستأصل أهلُ السُنة الروافضَ ولم يجتثوهم على مدار التاريخ؛ بل بقوا محتفظين بحقوقهم وعقائدهم وجادلوا وجودلوا، حتى انقلبت الأمور ضمن الانقلاب التاريخي بتنيحة الإسلام عن قيادة الحياة منذ أول القرن العشرين، وغياب الشريعة وتأخير الهوية.
وللمثال على ذلك انظر إلى منطق أهل السُنة؛ فمع احتفاظهم بالحق وتحريره، ودحضهم للبدع؛ لكنهم يحتفظون بوحدة الأمة والنظر الكلي لها وعدم تفتيتها أو تضييعها، لا سيما أمام العدو، وانظر إلى ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية أن: "ما أجمع عليه المسلمون من أمور دينهم الذي يحتاجون إليه أضعاف أضعاف ما تنازعوا فيه، فالمسلمون سنّيهم وبدعيّهم متفقون على وجوب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ومتفقون على وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج، ومتفقون على أن من أطاع الله ورسوله فإنه يدخل الجنة...وأمثال هذه الأمور التي هي أصول الدين وقواعد الإيمان التي اتفق عليها المنتسبون إلى الإسلام والإيمان فتنازعهم بعد هذا في بعض أحكام الوعيد أو بعض معاني الأسماء أمر خفيف بالنسبة لما اتفقوا عليه" (مجموع الفتاوى 7/357).
ولذلك يبقى أهل السنة هم الأمة، وهم أصحاب خطاب الأمة، وهم المهيؤون للقيادة واستئناف الحياة الإسلامية مرة ثانية، وهم الأمان للجميع، فاللهم اجعل فرجًا ومخرجًا.