ولو بشبر!
القيمة ليست فى الشبر؛ إنما هى فى القرار الفصل، هذا هو معيار التغيير، ومناط النجاة
لم ينظر التائب خلفه، لم يثقله إخلاد إلى الأرض، لقد تحرر من أثقال القرية الظالمة التي لم تجرؤ أن تأمره بمعروف أو تنهاه عن سوء.
مضى سائرًا بعزم النادم الصادق، قاصدًا طريق المتقين، لقد شاء هذا التائه أن يستقيم، لقد شاء أن يتبع سبيل المؤمنين، يا لهول المفاجأة؛ لقد مات!
مات الرجل! مات التائب فى طريقه إلي هناك! قضى ولم يصل بعد إلى مبتغاه، لكنه يمم وجهه شطر غايته، وشاء أن يتخذ إلى ربه سبيلًا، وهنا مربط الفرس ومناط التغيير؛ أن يختار المرء طريقه، أن يسلكه.
هذا الرجل الذى كان منذ سويعات أو أيام قاتلًا سفاكًا للدماء، صار بهذا القرار، وذاك الاختيار، عبدًا يحرك الله لأجله الأرض فيطويها!
الرجل الذى كان أبعد ما يكون، صار بخطوة تقرب بها شبرًا أقرب ما يكون!
ها هو ذا الوجه ميمم، والصدر ينأى ناحية الأرض، الأرض الصالحة، وكأنه عرف الموت فآثر السعي، ورغب بسرعة في الوصول إلي المقام المأمول!
واقترب بشبر... والحقيقة أن القيمة ليست فى الشبر؛ إنما هى فى القرار الفصل، هذا هو معيار التغيير، ومناط النجاة: أن يشاء، ثم يسلك، فيستقيم على الطريق، و يقترب.. ولو بشبر!
-----------------------------
فقرة من كتاب (العودة إلى الروح)- الفصل الثالث والعشرون بعنوان (ولو بشبر).
- التصنيف: