الحزبية المقيتة!
لا أريد إضفاء القداسة على شخصٍ أو فكرٍ، فالكل يُخطئ ويصيب، ولكن جالت في ذهني هذه الخواطر، وأنا أتابع التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي على وفاة ذلك الرجل المترجل الراحل رحمه الله سواء كانت من منصفين عقلاء، عرفوا الحق لأهله فأقروا به، أو مبغضين أشبه بالعملاء، لايعدو قدرهم في كل بلدٍ ينزلون فيه إلا أن يكونوا (حزبًا) من الأحزاب شبه العلمانية، التي ترسخ لفصل الدين عن الحياة عن طريق دعم الطغاة، وحرب الدعاة!
أسس الشيخ محمد سرور رحمه الله تيارًا فكريًا دعويًا علميًا، قام في العقود الثلاثة الأخيرة بدورٍ دعويٍ إصلاحيٍ لاينكره إلا جاحدٌ أو جاهل، فمنذ بداية القرن الخامس عشر الهجري ظهر ذلك الاتجاه في بلاد الحرمين الشريفين، معتمدًا أصول أهل السُنة والجماعة أساسًا للمنهج والموقف، ومعيارًا للتعاون والتعامل، وميزانًا للولاء والبراء، وكانت أبرز سمات دعوة ذلك الرمز السوري الكبير، نبذ الحزبية باسم الجماعات، ومقت التعصب للرموز والأشخاص والاتجاهات، والاكتفاء بالولاء الحر العام لكل مسلمٍ منتسبٍ بحق لأهل الحق والسُنة من هذه الأمة، وكان هذا شأن كل من تتلمذ على مدرسته الفكرية فيما أعلم.
ومع أن بدايات الرجل كانت مع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، فإنه لم يتعصب لها، ولم يتعصب ضدها، كغيره من مخالفيها أوالخارجين عنها، بل أثنى على كل مايستحق الثناء في جماعة الإخوان، وتحفظ على ما رأى ضرورة تغييره عندها، من باب النصيحة لا الفضيحة. ورغم اتساع أثر دعوته في الجزيرة العربية وغيرها، أبى أن يطلق على تلك الدعوة أي وصفٍ أو اسم، تجنبًا لزيادة الاختلاف في الساحة اﻹسلامية باسم التغيير أو التعددية.
وبالرغم من معارضته الشديدة للتعصب والحزبية، أبي حزبيون مناهضون لكل الاتجاهات الإسلامية غير الرسمية، إلا نبذ الرجل ونبزه بدعوى الدعوة إلى الخروج عن طاعة "ولاة الأمور" بالبيان واللسان!!، وأصر (حزب الوشاة لحرب الدعاة) على أن يتعامل بحزبيته التصنيفية مع الرجل ودعوته الإصلاحية بالطريقة المخابراتية ذاتها التي يتعامل بها مع كافة الاتجاهات الدعوية "غير الحكومية" فأطلق هؤلاء "الحزبيون" على الاتجاه التجديدي الذي أسسه الشيخ وصف (السرورية)، في نبذٍ محرم بالألقاب، وهمزٍ ولمزٍ وسخرية، يتنزه عنها أولو الألباب!
قاتل العصبية الحزبية! فإن لها - باسم محاربتها - متحزبون، هم دونها مقاتلون متعصبون، يقاتلون تحت راية (محاربة حزبية الجماعات)، وهم في الحقيقة أشد الناس تحزبًا لذواتهم وأفكارهم وشخوصهم من كل الجماعات، حتى كادوا يكونون حزبًا على ألا حزب، وجماعةً على ألا جماعة، إلا جماعة "ولاة الأمور" وأحزابها، ولو كانت هذه الأحزاب لادينية ولا أخلاقية، ولو كان وليهم هذا في - أي بلدٍ من البلدان - محاربا لله ورسوله، محرضًا على أذى المسلمين، أو متحالفًا مع المشركين ضد الموحدين!
لا أريد إضفاء القداسة على شخصٍ أو فكرٍ، فالكل يُخطئ ويصيب، ولكن جالت في ذهني هذه الخواطر، وأنا أتابع التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي على وفاة ذلك الرجل المترجل الراحل رحمه الله سواء كانت من منصفين عقلاء، عرفوا الحق لأهله فأقروا به، أو مبغضين أشبه بالعملاء، لايعدو قدرهم في كل بلدٍ ينزلون فيه إلا أن يكونوا (حزبًا) من الأحزاب شبه العلمانية، التي ترسخ لفصل الدين عن الحياة عن طريق دعم الطغاة، وحرب الدعاة!
- التصنيف: