لماذا الآن؟
إنه يمكن القول في جملة واحدة: إن هذه مُحاولات حثيثة مدروسة؛ لإعادة مصر إلى عصر البدعة والظلام والتخلّف والرجعية العبيديّة الرافضيّة الخبيثة
منذ سنتين أو أقلّ انعقد مؤتمر منظمة العالم الإسلامي بعمّان -
الأردن، وكان من جملة توصياته اعتماد الصوفية حلا للأمة؛ حلاَّ
لمشاكلها السياسية والاعتقادية والوجدانية وغيرها من جملة الأدوار
التي نزلت بجسد الأمة الضعيف!!
ومنذ أيام انعقد بالقاهرة مؤتمر عن أبي الحسن الأشعري، حُشِدَ
فيه رجالات الدين الرسمي مئات من الشخصيات بمصر وخارج مصر، في وصلات
ثناء مُتتالية للتدليل على أن منهج الأشاعرة هو الحلّ، وهو الخروج من
النفق المُظلم الذي انحشرت فيه الأمة، وتلا هذا تصريحات رجال الدين
الرسمي بمصر أن أبوي النبي -صلى الله عليه وسلم- مسلمان!! وأن القـول
بكفرهما أو أنهمـا في النار زنـدقة وضلال، وترتّب على هذا الطّعنُ في
صحيح مسلم؛ المصدر الحديثي الذي حوى نصوص تكفير أبوي النبي -صلى الله
عليه وسلّم-.
ثمّ رأينا الاهتمام بمولد أم النبي -صلى الله عليه وسلم- ولأوّل مرة
في تاريخ مصر!! وقبل ذلك نجدُ الاحتفال بمولد علي بن أبي طالب -رضي
الله عنه- لأوّل مرة أيضا في تاريخ مصر!!
إنه يمكن القول في جملة واحدة: إن هذه مُحاولات حثيثة مدروسة؛ لإعادة
مصر إلى عصر البدعة والظلام والتخلّف والرجعية العبيديّة الرافضيّة
الخبيثة، ظنا منهم أن هذه الرّدة الفكرية والحضارية والتراثية يُمكن
لهم بمُقتضاها أن يُجابهوا ذلك المدَّ السلفي المنير، الذي طبَّق
الآفاق، وهوت إليه أفئدة العباد، بل وآمن كثير من المنسوبين لأهل
السنة المحبين للصحابة أن الأمل في إعادة الأمة إلى سالف مجدها وغابر
عزها لن يكون إلا بهذه الطائفة المُتسننة المُحتسبة الصابرة!!
ويبقى السؤال: لماذا نفضُ الغبار عن سالف أهل الظلام القبوريين
والمُبتدعة في هذه الأمة؟
والجواب: أن دوائر الرصد العالمية توقن أن القوة الصاعدة والعافية
المُتنامية هي هذا المدُّ السلفي، تماما كما أحسَّهُ المُبصرون من
أهـل السنة، وهنا كان المُخطـط: أنه لا بُدَّ من القضاء على هذا
الاتجاه السلفي!!
نعم!! لكن كيف؟
- بالمواجهات الأمنية؟ ليس هذا حينه!
- بالحملات الإعلامية العلمانية؟ لا بأس!!
- بتجفيف منابعه بتغيير منظومة التعليم لا سيّما مواد الدين والتاريخ
واللغة العربية؟ لا بأس!!
- بضرب الفرقة بين أربابه ومُحبّيه بتقريب طائفة وإعطائهم من الحرية
مساحة، والتضييق على الآخرين، ثم الإيقاع بين رفقاء الأمس ليكونوا
فُرقاء الغد وأعداءه؟ لا بأس!!
إن كل التخمينات في هذا الاتجاه ممكنة، ولا يُمكن ردُّها، بل هي تمثل
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها، لا سيما في ضوء ما يحدث على المسرحين
العالمي والإقليمي، وفي ضوء تصريحات وأقوال العلمانيين وسادتهم من
كبراء الكفر والنفاق هنا وهناك، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21]، والله وليُّنا
ولا مولى لهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
- التصنيف: