مع القرآن - رضوا بالحياة الدنيا
رضوا بالحياة الدنيا واطمأنت القلوب وسكنت للدنيا ولا تتضجر أو تتحرك إلا لو تأثرت دنياهم أو انتقص منها شيء.
هذا بيت القصيد وسبب ما نراه من مآس تمور بالأمة:
أن الكثير من أبنائها للأسف الشديد دخلوا في هذا الصنف من الناس (رضوا بالحياة الدنيا واطمأنت القلوب وسكنت للدنيا ولا تتضجر أو تتحرك إلا لو تأثرت دنياهم أو انتقص منها شيء. أما الآخرة: فآخر ما يفكر به القوم).
{إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يونس:7- 8].
قال السعدي في تفسيره:
يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} أي: لا يطمعون بلقاء الله، الذي هو أكبر ما طمع فيه الطامعون، وأعلى ما أمله المؤملون، بل أعرضوا عن ذلك، وربما كذبوا به {وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بدلًا عن الآخرة.
{وَاطْمَأَنُّوا بِهَا} أي: ركنوا إليها، وجعلوها غاية مرامهم ونهاية قصدهم، فسعوا لها وأكبوا على لذاتها وشهواتها، بأي طريق حصلت حصلوها، ومن أي وجه لاحت ابتدروها، قد صرفوا إرادتهم ونياتهم وأفكارهم وأعمالهم إليها.
فكأنهم خلقوا للبقاء فيها، وكأنها ليست دار ممر، يتزود منها المسافرون إلى الدار الباقية التي إليها يرحل الأولون والآخرون، وإلى نعيمها ولذاتها شمر الموفقون.
{وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} فلا ينتفعون بالآيات القرآنية، ولا بالآيات الأفقية والنفسية، والإعراض عن الدليل مستلزم للإعراض والغفلة، عن المدلول المقصود.
{أُولَئِكَ} الذين هذا وصفهم {مَأْوَاهُمُ النَّارُ} أي: مقرهم ومسكنهم التي لا يرحلون عنها.
{بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} من الكفر والشرك وأنواع المعاصي، فلما ذكر عقابهم ذكر ثواب المطيعين.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: