إياك وترك راية الإسلام (6)
مدحت القصراوي
الصراع والتقاتل وشيوع التباغض والثأر، هي بيئة الفُرقة المحرمة
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
مخاطر الخلاف ودرجات الانحراف:
ولما حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من فساد ذات البين، وقال أنها الحالقة لا تحلق الشعر ولكن تحلق الدين؛ ونظرنا إلى درجات الانحراف فكانت تفحش من الفخر المحرم، إلى العصبية المحرمة، والعداوة والبغضاء، ثم التقاتل والاختلاف، ثم ولاء الكافرين على المسلمين، ثم التولي بغير ولاية الإسلام؛ فانتهى أمر الخلاف والتباغض إلى ترك الراية نفسها من حيث المآل..
ولهذا نهى الله ورسوله عن التشاحن والتباغض والتحاسد، والاختلاف والتقاطع والتدابر، لأنه بدوره قد يؤدي إلى:
1) الصراع والتقاتل وشيوع التباغض والثأر، وهي بيئة الفُرقة المحرمة، ويمتنع معها العدل والأمن والقوت والتنمية.
2) وقد يؤدي الاختلاف والتقاتل إلى الضعف وذهاب القوة {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال جزء من الآية: 46] والريح هي القوة، ولنضرب مثالًا واحدًا على أثر وشؤم هذا الاختلاف وعظيم أثره..
ففي التاريخ حدث خلاف على الغنائم وبعض التدابر والاختلاف في جيش المسلمين بقيادة جلال الدين بن خوارزم شاه أمام التتار، وكانت فرصة مواتية لهزيمة جنكيز خان في بداية انسياحه في الأرض وقد سبقها انتصاران للمسلمين عليهم، وكانت المعركة الثالثة المنتظرة هي الكفيلة بإيقافه..
ولو أوقفوه لاحتفظ المسلمون بعلومهم وقوتهم الحضارية التي كانت تسبق أوروبا بقرون، وكان عند المسلمين علوم كثيرة وبدايات ميكنة تطبيقية (تكنولوجي) مع قمة الحضارة التجارية وتراكم رؤوس الأموال، وكان هذا معناه دخول المسلمين إلى عصر الثورة الصناعية والميكنة مبكرًا وقبل العالم الغربي بقرون، ولم يكن هناك إذن فرصة لسقوط الإسلام ولا تشكك في منهجه وقيادته ولا لاستعمار بلاد المسلمين ولا تراجع لهم أمام قوة أخرى، ولتغيّر وجه التاريخ..
ولكن ـ ومع أسباب أخرى ـ اختلفت فئةٌ على الغنائم وعدّوا ذلك إهانة فانسحبو وخذلوا وكان الاجتياح الذي دمر حضارة المسلمين واحتاجوا إلى عقودٍ أو قرون لمجرد الحفاظ على الوجود، وقد يؤدي الخلاف إلى ما هو أفحش من ذلك، نعم لا تعجب.. يتبع إن شاء الله.