النسر .... والغربان
خالد عبد الله
في موقف جديد يضاف إلي رصيده غير المحمود عاد الأستاذ "عمرو خالد "
للظهور مرة أخرى بعد أن أفل نجمه الدعوى في مصر المحروسة عدة سنوات
وكعادته أثار جدلا ...
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
في موقف جديد يضاف إلى رصيده غير المحمود عاد الأستاذ "عمرو خالد" للظهور مرة أخرى بعد أن أفل نجمه الدعوي في مصر المحروسة عدة سنوات وكعادته أثار جدلاً -هو يحبه ويستمتع به- وكان الجدل بين مؤيديه القُدامى الذين تمحورا حول شخصه وليتهم يستفيقوا ويفكروا ،وبين معارضيه الذين خاب أملهم فيه بعدما أوضح لهم أهل العلم ضحالة الرجل الدعوية، وأنه لا يعدو موضة أحبها أهل الترف من جمهور النساء والشباب الذين تروق لهم حالة المشاعر، والرومانسية الحالمة في خطابه فلم يعودوا يفرقون بين الداعية، وبين المغني العاطفي.
وفي حقيقة الأمر لم أجد لنفسي مكاناً بين هؤلاء، لأن الرجل بالنسبة لي حالة أوضحتُها للناس مُنذُ زمنٍ وهاجمتُها كثيرا وهوجمت بسببها كثيراً ومازلتُ على قناعة بما قمت به تجاهه وازدادت قناعتي لما وجدت مناوراته السخيفة حول تلبية دعوة اللواء المحجوب في الرمل بالأسكندرية، وأقول:"مناورات"لأنه ليس بحاجة للضحك على الناس، وتبرير خطواته بأنها في سبيل الدعوة، وهذا محض افتراء وكان بإمكانه أن يعتبر ما فعله حق مشروع لأنه قد يكون على قناعة بمجهودات المحجوب بصرف النظر عن كونه مترشحا عن الحزب الوطني فربما خدمات الرجل تؤهله لأن يقف "عمرو" خلفه. لكن ما يزعج هو إلصاق تصرفاته بسيرة النبي-صلى الله عليه و سلم- و كأن المسألة أكل عيش فكلما هاجمه أحد يردد شعارات من السيرة التي وصف محاولات صاحبها -عليه الصلاة والسلام- بالفاشلة..
فتجده في كلامه متخبطا فتارة يقول:"خلوا بيني وبين الناس"، وثانية؛ يبرر تنازلاته بأنها من وحي صلح الحديبية، وثالثة؛ يقول:"أنا صاحب رسالة"، ورابعة؛ يقول: "أنا لستُ داعية أنا مصلح"، وخامسة؛ يقول: أنا لست إعلامياً، وسادسة؛ وهي الأسوأ حين غمز معارضيه من الدعاة وغيرهم بأنهم كالغربان يهاجمونه ولكنه كالنسر يحلق بعيدا عنهم وبصرف النظر عن هذا التخبط فما يعنيني هو بعض التساؤلات أطرحها على الدكتور عمرو!! لعله يجيب دون مراوغة، هل مازلت تصدق أنك صاحب رسالة؟
هل مازلت لا تشعر بأي غضاضة من جراء ثناء المجلات الأمريكية عليك، واختيارك من ضمن أفضل 100 شخصية في العالم؟
هل مازلت لا تشعر أنك تُستعمل بوعي أو بدون وعي في طرح الإسلام الأمريكي الذي لا مخالب له؟هل مازلت ترى أنه من الطبيعي أن تفتح السفاراتان الأمريكية، والبريطانية لك الأبواب وأنت من المفترض كما تدعي صاحب رسالة؟ فهل هم على درجة من البلاهة أن يتركوك وأنت مسلم تمثل خطرا على أمنهما القومي تروح وتجيئ كأنك تتنقل بين محافظات مصر؟ بل أجزم أن تنقلك بين محافظات مصر أكثر صعوبة.
هل مازلت تدعي أن توقيت ندوتك ليس مثيرا لدهشة الناس لاسيما في هذه الفترة الحرجة من انتخابات البرلمان وخاصة أنك ابن الإخوان غير البار؟هل مازلت تصدق أن اختيارك كمبعوث لبعض الدول الإسلامية كي تحارب القاعدة، والمتطرفين، وتنشر الإسلام المعتدل كما يزعمون هو من قبيل الصدفة؟ وكأن العالم الإسلامي نضب معينه من العلماء المشهود لهم بالعلم والتقوى!!
هل مازلت لا ترى البون الشاسع في لغة خطابك حين بدأت التدرج في سلم الوعظ، وبين مفردات خطابك منذ فاجعة الدانمارك التي زايدت فيها على عرض النبي صلى الله عليه وسلم فخذلك الله، وازددت سقوطا؟
هل تريد أن أذكرك لما قُتِل مراسل الجزيرة ماذا فعلت بكاميرات قناة "اقرأ" حين التقيت بزوجة القتيل، وماذا كان رد فعلك من مجزرة غزة الأخيرة، وهروبك المهين من تصريحاتك (التي كانت كالإسهال) حتى أنك ما جرؤت على مهاجمة التدليل الأمريكي لإسرائيل طوال فترة المذبحة؟
هل تذكر في مسجد دعوة الحق بالدقي في التسعينيات كيف كان حديثك عن الجهاد؛ والإعداد له، وحديثك الآن عن التعايش والتسامح، ومحاولاتك المضنية في العزف على لغة لا تحمل إلا الذل في برنامج فشل فشلا ذريعا لأنك ما كنت صادقا كما كنت من قبل؟
هل تذكر وعودك لشباب صناع الحياة وكيف خدعتهم ولمَا حاول البعض الخروج من جلبابك أرسلت إليهم تتوعدهم كما حكى لي بعضهم قولك: " من ليس معي فهو ضدي"؟
هل تذكر فتاة طنطا التي كانت تترأس جمعية صناع الحياة؟ ولماذا أرسلت لها أحد معاونيك برسالة مفادها لا تنتخبوا الإخوان وذلك في انتخابات برلمان 2005.
هل ظهورك الدعوي الآن في وقتٍ كُمِمَت فيه أفواه الدعاة في الفضائيات له مغزى؟ مجرد سؤال بريء، ومن تُرى وراء ذلك؟
إن ما في جعبتي من تخبطك وإيمانك بالمبدأ المكيافيللي "الغاية تبرر الوسيلة" يفوق مقالة صغيرة أردت بها أن تراجع نفسك، وتفتش في مواطن قلبك، وتحدد ماذا تريد؟
يا دكتور، يا مصلح، يا إعلامي إن شئت أم أبيت فأنت محسوب على أهل الدعوة ولهذا وجب عليك أن تصحح نيتك وتخلص مقصدك لله ومن العيب بعد أن اقتربت من منتصف الأربعينيات أن تظن أن اجتماع الناس حولك من الدهماء والعوام الذين لم يعايشوك عن قرب هو دليل على صحة مسيرتك فقديما قالوا: "لا يغرنك اجتماع الناس عليك فهم يرون ظاهرك والله يرى باطنك"!
إذا ما وجدت إجابة لهذه التساؤلات فاحتفظ بها لنفسك، وغير بها قصدك فأنت لم تعد بحاجة إلى مال ،أو شهرة وإنما تحتاج مثلي إلى حسن خاتمة رزقنا الله، وإياك بها أرجو أن تتذكر نصح إخوانك من الدعاة الذين قلت فيهم يوما: "ال....... تعوي، والقافلة تسير..... "
المصدر: جريدة المصريين