معركة الموصل..إلى أي حقائقٍ تُوصل؟ (2)

منذ 2016-12-18

سوف يرتد تخريب بلادنا خراباً في علاقات (دول المركز) - أصل الطغيان - التي لا استقرار للنظام الدولي بدون تفاهمها. فالواضح المهم الآن أنها بصدد الصدام، والأوضح والأهم ما سوف ينبني على ذلك بإذن الله من بدايات ظهور القطب الإسلامي العالمي الجديد؛ الذي نرى ملامح قدومه، ولو من بعيد..

حصار الموصل، وانحسار السيطرة على حلب، مهما كانت عواقبه وخيمة اليوم على أهل السُّنة، فإن عواقبه ستكون أوخم غداً على أعداء الأمة، فسوف تعود حلب وغيرها بإذن الله وكذلك الموصل والأنبار وتكريت، بل بغداد ومابعدها، فشرارة (حرب العقيدة) تُوقِد ناراً لا تُطفأ إلا باندحار الشيطان وحزبه: هكذا قال الرب جل وعلا: { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}  [الأنبياء: 18] ولكن بعد شيءٍ من التمحيص وتنقية الصفوف وتصفية المناهج، فما هو قادم على الأمة أكبر وأعظم، وقد لا تصلح بعض جوانب الصف الإسلامي اليوم للاصطفاف العالمي المطلوب في الغد القادم القريب..
- الله تعالى أنزل سورة سماها (الصف) وقال فيها: {إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف:4]. وحتى يكون الصف على وصف {فِي سَبِيلِهِ} وحتى يحصل التمايز على أساسه؛ فسوف نتنقل كثيراً بين انتصارات وانكسارات، أما على الجانب الآخر- جانب الأعداء – فهم يألمون كما نألم ويعلم الله من ذلك مالا نعلم، وهناك شروخ ظاهرة تتحول سريعاً إلى أخاديدٍ غائرةٍ بين صفوف اللصوص الكبار، يدبرها ويديرها من قال: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا}  [الطارق: 15-17] .
- من ذلك الكيد، مانراه من الخراب والشرور، التي تسبق مجئ (ترامب) المشؤوم المغرور، قبل أن يقدم موكب تنصيبه رئيساً للعالم!، فالكل يستبق مجيئه المريب بتخريب ما يمكن تخريبه، ونهب ما يمكن نهبه، وحرق ما يمكن حرقه ولكلٍ حساباته وأجنداته، فأوباما.. أراد التعجيل بأمر الموصل قبل الانتخابات، فأمر حلفاءه في العراق بسرعة اقتحامها؛ وواصل بعدها التعجل حتى لا ينسب ترامب لنفسه دخولها والانتصار فيها؛ وأراد أوباما أيضًا دخول الرقة بالتزامن مع الموصل، فزين لعملائه في سوريا أن يندفعوا إليها فتعرقلوا فيها، أراد أن يبذل جهده قبل أن ينتهي عهده، حتى يرفع كلتا يديه بنصرٍ سريعٍ قصيرٍ رخيصٍ، يسجل له في تاريخ من صعدوا المريخ! و لهذا قال ترامب: إن ما يفعله أوباما كارثة!
- واستباقا لمجيئ ترامب؛ سارعت روسيا كذلك إلى الانتهاء مع حلفائها من حرق حلب واستباحة أهلها، لتجعل الرئيس الأمريكي الجديد أمام واقعٍ روسيٍ قويٍ في سوريا يستعصي كسره ويصعب تغييره، فدخل بوتين بذلك باب التحدي مع الغرب كله من أوسع أبوابه..
أما إيران فإن خائنها خامنئي؛ يستميت لقطع أشواطٍ واسعةٍ من مشروع امبراطوريتها الشيعية الفارسية على حساب الأراضي العربية السنية في العراق والشام واليمن؛ قبل انقلاب ترامب بجنونه الغالب ومزاجه المتقلب على إيران، التي ألبت بالفعل أعداءها عليها، بجموحها الزائد وتحكمها المستبد...
- ستبقى حلب والموصل بؤرتان ساخنتان تؤثران في العلاقات الدولية بل في التوازنات العالمية، فهما لم تعودا مجرد مدينتين سُنيتين مستهدفتين من الرافضة أراذل البشرية؛ بل أصبحتا – وستظلان حتى حين – منطلق البدايات الأولى لـ "صدام الحضارات" (السبع) الذي بشروا به في الغرب ضد المسلمين، وبدأوه في بلاد العرب، فهو يُمارس الآن بكل وضوح في صدام المشروعات على أرض النبوات والنبوءات، التي تشمل جزيرة العرب وما جاورها من النيل إلى الفرات.
- سيطول النزال في الموصل وحلب، فالصراع هناك لم ينفض ولن ينفض – كما قد يتصور البعض – فما قد يسقط اليوم لطروء ظروف، يمكن أن يعود إذا تغيرت الظروف، بدليل أن تحالف النصيرية والمجوس المدعوم بغطاء طيران الروس في سوريا مثلاً؛ قد احتاج إلى ستة أشهر حتى يستعيد مدينة (تدمر) بعد جهدٍ وشقاء، ثم فرَّ جنود ذلك التحالف من تلك المدينة بعد ثمانية أشهر؛ دون عناءٍ! في عمليةٍ لم تستمر أكثر من أربع وعشرين ساعة، بعد أن غاب ذلك الغطاء!
- غطاء روسيا الجوي في سوريا، والأمريكي في العراق، لن يدوما في أراض غريبة بعيدة إلى مالا نهاية، ولن تصمد طويلًا خزائن البلدين المنهكة المأزومة اقتصادياً في تمويل حروبٍ باهظة التكاليف، سوف تتمدد إقليمياً وتتعقد دولياً نحو هرج ومرج، يفتح للمستضعفين أبواب الفرج..وهكذا سنرى القصة متكررة في كل بلاد السُنة المحررة..
- بالرغم من كل مظاهر الأسى والأسف الراهن في العراق والشام؛ فإن تخريب بعض ديار أهل السُّنة هناك عن طريق حروب الوكالة؛ سيتحول مع الوقت إلى حربٍ بالأصالة بين مشعلي الحروب (أمريكا وأوروبا وروسيا وإيران) بدفع اليهود، وسوف يرتد تخريب بلادنا خراباً في علاقات (دول المركز) - أصل الطغيان - التي لا استقرار للنظام الدولي بدون تفاهمها. فالواضح المهم الآن أنها بصدد الصدام، والأوضح والأهم ما سوف ينبني على ذلك بإذن الله  من بدايات ظهور القطب الإسلامي العالمي الجديد؛ الذي نرى ملامح قدومه، ولو من بعيد..

  • 4
  • 0
  • 5,270

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً