موعظة طفل حلبي
رحاب حسَّان
فاستقيموا يرحمكم الله وفكروا كيف ننقذ هؤلاء من براثن التنصير والتغريب والخطف والتشريد والأمراض النفسية؟
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - أحداث عالمية وقضايا سياسية -
من وسط ركام اليأس أطلت موعظة قائد صغير على مسمعي وكأنه وهو في هول الموقف في عربة الترحيلات من حلب إلى حيث المفر؛ يربِت على كتفي ويطمئنني!
كان يقول: "إن شاء الله سريعا نكبر ونصير شباب ونعود نحرر حلب".
حينها أطلت الزروع والياسمين وهطل الغيث وروعة الندى على قلبي، وعلمت كيف علَّمتْ هذه المحنة بصورة عملية أطفالنا كي يكونوا قادة
وعلمت أن العويل والصراخ لا معنى له سوى التخاذل والترويح عن النفس.
لا معنى له سوى الهروب من المشكلة.
لقد تعلمتُ منه كيف أساعده، كيف أقدم له المساندة، كيف انتقل بسرعة ومرونة من تلقي الكارثة إلى الفعل الإيجابي؛ حتى ولو كلفنا ذلك الانتظار عمرا حتى يصير الطفل شابا يافعا قادرا مؤهلا.
وهذه رسالته أكمّلها لكم: فهذا الطفل ومثله الآلاف بحاجة ماسة لمن يعتني بهم ويدعمهم دينيًا نفسيَا وماديَا، بحاجة ماسة بحفظ دينهم وأعراضهم وأنفسهم وكل هذا من الضروريات الخمس.
فاستقيموا يرحمكم الله وفكروا كيف ننقذ هؤلاء من براثن التنصير والتغريب والخطف والتشريد والأمراض النفسية؟
فكروا في هؤلاء يارعاكم الله لمن سنتركهم؟
إلى عدوّ يتجهمهم وهو يوقن جيدا أن هؤلاء النازحين لهم أشد خطرا من آبائهم، فإن القصف والتهجير وسائر المشاهد الدامية لن تنتج سوى مقاتلا أغر يقسم بالله تعالى أن يعود يوما ليستعيد ماضية وهويته وعزته.
وكلامي ليس بدعا من القول بل هذا ما حدث في العديد من الحروب السابقة فقد كان التركيز دوما على احتضان الأطفال في محاضن الأعداء لمحو هويتهم وتغريبهم وإذابتهم في المجتمعات المعادية وما ذلك إلا لأن أعداءنا يعون جيدا ما لا نريد أن ندركه نحن.. فالله الله في أطفال الشام فإنهم فلذات أكبادنا وماء وجوهنا وربيع آملنا.