تقسيم المجتمع غلى شيعٍ وطوائف
قال ابن تيمية: أن العدل واجبٌ مِن كُل أحدٍ في كُل أحدٍ في كُل حال، والظلم مُحرمٌ مِن كل أحدٍ في كُل أحدٍ في كُل حال.
عندما تقرأ قوله تعالى: {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ} [القصص جزء من الآية: 4] فاعلم أن الله تعالى جعل تقسيم المجتمع إلى شيعٍ وطوائف.. جريمة، وأن ظلم طائفةٍ بعينها جريمةٌ أخرى.
وأن الله تعالى لم يعتبر عِرقًا دون غيره، بل جعل أهل البلاد هم جميع مَن فيها على اختلاف أعراقهم أو ألوانهم، ولهذا قال {جَعَلَ أَهْلَهَا} فجعل أهلها هم كل ساكنيها ولم يخص عِرقًا دون غيره أو لونًا دون آخر أو نسلًا دون غيره.
وهذا يوجب العدل والحقوق مع الجميع، بل العدل واجبٌ مع اختلاف العقائد، كما قال ابن تيمية: أن العدل واجبٌ مِن كُل أحدٍ في كُل أحدٍ في كُل حال، والظلم مُحرمٌ مِن كل أحدٍ في كُل أحدٍ في كُل حال.
وأما التفريق بين المجتمع إلى شيعٍ وطوائف فمحرم، وظلم طائفة دون غيرها محرم آخر، وأما نصرة طائفةٍ وظلم بقية المجتمع فهو أفحش في الحرمة وأعظم في الجريمة..
ولهذا لما وصف تعالى فرعون وقومه في سورة الشعراء فإن الله تعالى ناداهم أولًا بصفةٍ صارت علَمًا عليهم فناداهم بـ {الظَّالِمِينَ} ثم فسر الظالمين بأنهم قوم فرعون { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ ۚ أَلَا يَتَّقُونَ} [الشعراء: 10-11]، فإن وصْفهم بالظلم أشهر من وصفهم بالعلَمية، فوصف {الظَّالِمِينَ} أسبق وأشهر من {قَوْمَ فِرْعَوْنَ}، وهذا بسبب ظلم طائفةٍ بعينها؛ فما بالك بتنحية مجتمعٍ بأكمله لصالح طائفةٍ بعينها؟
وفي العموم؛ فما من حاكمٍ يريد الخير لبلده ـ بل ولم ينجح حاكمٌ في بلده ـ ولو في غير بلاد المسلمين، إلا كان طريقه العدل بين مكونات مجتمعه وإيفاءهم حقوقهم، وإشراك سائرهم، وبإطلاق طاقاتهم لتنمية بلادهم ومصلحة (الجميع)، ولو ظلم طائفة لكان إيذانًا بالنقص، والدمار، وأوْلى من ذلك وأسرع من آثر طائفةً وسحق الجميع.
- التصنيف: